ذكرى البيعة السادسة إنجازات عظمى، خطوات واثقة، ومستقبل مشرق

تحتفل بلادنا المملكة العربية السعودية في هذه الأيام المباركة بذكرى البيعة السادسة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- مقاليد الحكم، ونحن إذ نهنئ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، فإننا نهنئ الشعب السعودي بهذه الذكرى العظيمة التي يحق لنا أن نحتفي فيها بإنجازات عظمى حققتها المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله.

وبما أن أسس النهضة بُنيت قواعدها في عهد المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله- في حياته في مختلف مرافق ومجالات الحياة، فقد تطورت هذه المرافق والمجالات في عهد أبنائه البررة من بعده، في مواصلة التنمية واستمرت معالمها حتى الوقت الحاضر في شتى المجالات.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- نشهد نقلة نوعية أخرى في سبيل التقدم والرقي والتطور والتنمية والازدهار، ففي بداية حكمه حفظه الله استكمل المشاريع التنموية في المملكة العربية السعودية والتي بدأ بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- منها استكمال مشروع توسعة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، واستكمال مشروع النقل العام: قطار الرياض، وحافلات الرياض. ويقدم مشروع قطار الرياض ذلك المشروع الضخم خدمة النقل العام المميزة وذلك من خلال ست مسارات رئيسة تغطي مسافة 176 كيلومتراً من مدينة الرياض وتضم 85 محطة مجهزة بأحدث التقنيات. وتغطي هذه المسارات المناطق ذات الكثافة السكانية والمنشآت الحكومية والأنشطة التجارية والتعليمية والصحية، كما أنها ترتبط بمعالم مدينة الرياض الكبرى كمطار الملك خالد الدولي ومركز الملك عبد الله المالي والجامعات الكبرى ووسط المدينة ومركز النقل العام. ويغطي قطار الرياض مناطق الجذب المروري العالية كالجامعات والمدارس والمستشفيات ومراكز التوظيف والأنشطة والمجمعات التجارية.

 

وبالنسبة لمشروع حافلات الرياض فهو يعمل بصورة تتكامل مع قطار الرياض ليمنح المواطن والمقيم والزائر أفضل وسيلة للنقل العام وأكثرها كفاءة من خلال العديد من المسارات التي تغطي الشوارع الرئيسية والفرعية والشوارع الممتدة بين الأحياء، وتقوم شبكة حافلات الرياض بتقديم خدمات نوعية في نقل الركاب من و إلى محطات قطار الرياض، كما أنها تنقلهم بشكل متوافق مع المخطط العمراني والتوسع المستقبلي للمدينة، ومن المخطط له أنها ستلعب دوراً هاماً في تقليل حجم حركة السيارات في شوارع وطرقات الرياض وبالتالي التخفيف من حجم التلوث البيئي واستهلاك الطاقة.

               ومن الأعمال والإنجازات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في بداية حكمه إقرار ميزانيات وخطط استراتيجية تهدف إلى تنمية الاقتصاد الوطني السعودي دون الاعتماد بشكل رئيسي على النفط -والذي يُعد المصدر الوحيد للدخل في السابق-، ويعتبر هذا الإنجاز الأهم في تاريخ المملكة الاقتصادي، ويحظى بتحول غير مسبوق. كما أمر حفظه بإنشاء مجلس الشؤون السياسية والأمنية التابع لمجلس الوزراء ويختص برسم سياسات عامة للدولة وتكريساً لمبدأ العمل المؤسسي الفاعل والسريع في التعاطي مع المستجدات السياسية والأمنية. كذلك أمر حفظه الله بإنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو تابع أيضاُ لمجلس الوزراء ويختص برسم ملامح المستقبل وإيجاد روافد مالية جديدة تعتمد عليها المملكة العربية السعودية خلال السنوات المقبلة دون الاعتماد على النفط. ومن أعماله وإنجازاته -حفظه الله- دمج وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم في وزارة واحدة باسم وزارة التعليم ويهدف هذا الدمج إلى توحيد استراتيجيات التعليم وخططه وسياساته، وبالتالي سيكون هناك تبادل في الخبرات والقدرات والكوادر المتميزة، وكذلك الإفادة من البحوث العلمية التي سيكون لها دور في تحسين وتطوير طرق التعليم في المملكة.

وقد قام حفظه الله- بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ذلك الصرح الخيري العالمي الشامخ، وهذا المركز جاء في رؤيته ورسالته أنه قائم على البُعْد الإنساني، بعيداً عن أي دوافع أخرى، وأن يكون مركزاً رائداً للإغاثة والأعمال الإنسانية ونقل القيم السعودية والإسلامية إلى العالم . وتقوم رسالة المركز على إدارة وتنسيق العمل الاغاثي على المستوى الدولي بما يضمن تقديم الدعم للفئات المتضررة بما لا يتعارض مع المصالح الوطنية . ويهدف المركز إلى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والخيرية الخارجية للمملكة العربية السعودية، وتطوير الشراكات مع المنظمات الرائدة في العمل الإنساني، وتطوير آلية فعالة تضمن الاستجابة السريعة للتعامل مع الأزمات الإنسانية، بالإضافة إلى زيادة أثر المساعدات المقدمة من المملكة العربية السعودية بهدف استدامتها من خلال تحسين عمليات الإشراف والمتابعة والتقييم.

كما وافق حفظه الله على تأسيس المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) وقد جاءت رؤية المركز على أن يكون المرجع الأول عالميا في مكافحة الفكر المتطرّف وتعزيز ثقافة الاعتدال. وتنص رسالته على أن يعمل المركز على رصد وتحليل الفكر المتطرف واستشرافه للتصدي له ومواجهته والوقاية منه، والتعاون مع الحكومات والمنظمات ذات العلاقة، وبذلك سيكون نقطة إشعاع وتعاون دولي بما يعزز ثقة الاعتدال والتسامح وتقبل الأخر.

ومن الإنجازات الداخلية إنشاء مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف بالمدينة المنورة. ويتمتع المجمع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ويرتبط تنظيميًّا بخادم الحرمين الشريفين، ويهدف المجمع إلى تحقيق بيان عِظَم مكانة السنة النبوية، كونها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، وتقديمها إلى العالم أجمع بصورتها الصحيحة الصالحة لكل زمان وخدمة السنة النبوية وعلومها جمعاً وتصنيفاً وتحقيقاً ودراسةً ونشراً، وحماية السنة النبوية من أيِّ تجاوزٍ في الفهم أو الاستدلال، وتعزيز مفاهيم الوسطية والاعتدال ومكافحة مسبِّبات الغلو والتطرف والإرهاب. ويكون للمجمع مجلس علمي يضم صفوة من علماء الحديث النبوي الشريف في العالم، ويعين رئيسه وأعضاؤه بأمر ملكي.

كما امر حفظه الله بإنشاء صندوق التنمية الوطني، والذي يتولى الإشراف العام تنظيمياً ورقابياً وتنفيذياُ على عدد من الصناديق التنموية. كذلك إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والذي يهدف إلى تعزيز حماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغيلية ومكوناتها من أجهزة وبرمجيات وما تقدمه من خدمات.

 

 ومن الإنجازات العظمى "رؤية المملكة 2030م"، والتي يقودها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، والذي حمل على عاتقه رؤية طموحة تواكب التطور العالمي وتتلخص هذه الرؤية بأن تكون المملكة العربية السعودية: هي العمق العربي الإسلامي والقوة الاستثمارية الرائدة ومحور ربط القارات الثلاث كما تعتمد الرؤية على ثلاث محاور: المحور الأول: مجتمع حيوي. المحور الثاني: اقتصاد مزدهر. المحور الثالث: وطن طموح. وقد ركزت المملكة العربية السعودية في رؤيتها الطموحة على عدة نقاط وهي: إنشاء صندوق سيادي اقتصادي بأصول تعد الأضخم عالمياً، التحرر من النفط وزيادة الإيرادات غير النفطية، خصخصة شركة أرامكو، التخطيط لزيادة عدد المعتمرين والحجاج سنوياً إلى ثلاثون مليون حاج ومعتمر بحلول عام 2030م، تخفيض نسبة البطالة وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وإنشاء شركات للصناعات العسكرية، وإعادة هيكلة قطاع الإسكان والمساهمة في رفع نسبة تملك السعوديون، وتعزيز مكافحة الفساد والحد من الهدر البشري والمالي في المشروعات الحكومية.

وفي الختام نسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين وأن يوفقهما للخير، وأن يحفظ بلادنا وأمنها وشعبها، وصلى الله على نبينا وسيدنا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم.

د. ضيف الله بن رازن

أستاذ التاريخ السعودي المساعد بقسم التاريخ والحضارة

                        وكيل عمادة البرامج التحضيرية للتطوير والجودة

هـ م
التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: