غربة اللغة العربية في معاقلها

​غربة اللغة العربية في معاقلها

إن اليوم العالمي للغة العربية لهو من المناسبات الرائعة التي ينتظرها عشاق هذه اللغة -المتخصصين تحديداً- لما ينشر خلاله من مواد إعلامية تطرق الكثير من المعضلات التي تواجه اللغة العربية وتحد من انتشارها بل وتسهم في هجرانها والتمرد عليها وتلاشي استخدامها، ولعلي أنتهز هذه الفرصة للحديث عن ظاهرة مقلقة تهدد مستقبل اللغة العربية وتنذر بقدوم جيل مستعجم لايفرق بين اللفظة العربية والأعجمية وهذه الظاهرة مزعجة في انتشارها الرهيب في المجتمعات العربية، وتتجاوز مرحلة الإزعاج إلى الاستفزاز عندما تنبع هذه الظاهرة من معاقل اللغة العربية التي يجب أن تحافظ عليها وتزرع محبتها في قلوب الناس، وأعني بها الجامعات! نعم الجامعات وجميع الصروح التعليمية، التي يجب أن تكون الدرع الحصين ضد تمييع اللغة العربية وإساءة استخدامها، فمن غير المقبول شيوع الألفاظ الأعجمية في الأوساط الجامعية مع وجود ما يقابلها في العربية ومنها على سبيل المثال: (ترم، كويز، كلاس، سيميستر، ميد، فاينل، أوك)!!
ويمكن هنا إضافة رموز المعدلات التي بات التعبير الأعجمي أعلاماً لها، مثل: (أي بلص، بي بلص.. إلخ)
وهذه باتت مستساغة عند الكثير للأسف!
وأنا هنا لا أضع اللوم على الطالب الذي يتلقى سيلاً من المعارف بلغات مختلفة يومياً ما قد يجعل الأمور تلتبس عليه في ظل الزخم المعلوماتي وما يتنازعه من بحوث واختبارات لايجد معها مساحة للتفكير والتمييز بين الكثير من الأشياء، ولكن اللوم على الأستاذ الذي يدرّس بلغة أجنبية في عدم إخباره لطلابه بأن تعلمهم اللغة الأخرى لا لتحل بديلة عن لغتهم الأصلية، وإنما هي زيادة في الخير، وفضل يضاف إلى فضل، ولا أبرئ هنا ساحة أستاذ اللغة العربية الذي يرى ويسمع مايقع فيه الطلاب من أخطاء تهجين اللغة العربية بغيرها دون اكتراث منه أو موقف يصحح معه المسار، ويعيد للغة العربية مكانتها في مثل هذه الصروح التعليمية.
وينبغي الإشارة هنا إلى أن تعلم اللغات الأخرى أمر مستحب وجميل ونافع للأمة العربية ولكن ينبغي ألا يكون له أي أثر سلبي على اللغة العربية والناطقين بها، ويحسن هنا الختام بمقولة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله أكد فيها أن التفنن في استخدام اللغة العربية لايمكن أن يتعارض مع ما تعلمناه من اللغات الأخرى، إذ يقول: "نصيحتي الخالصة لأبنائي الشباب وبناتي الشابات أن يقبلوا على تعلم اللغة العربية، ويتفننوا في استخدامها، فهي لغة دينهم، ووطنهم، وآبائهم، وأجدادهم، وهذا لا يتناقض ولا يتعارض مع تعلم اللغات والعلوم الأخرى في مجالها الخاص".

عبدالله بن حمود الدوسري

مشرف قسم اللغة العربية
في عمادة البرامج التحضيرية

هـ م
التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: