أقامت عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية محاضرة علمية بعنوان (شفاء الصدور في حلّ ألفاظ الشذور للجوجري: دراسة عامة) وهي ضنت برنامج تمويل المشروعات البحثية للدكتور أيمن بيومي، بمشروعه رقم (008-04-11-18) حيث كانت تستهدف المحاضرة أعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا، واقيمت المحاضرة يوم الثلاثاء ١١ رجب ١٤٤٢هـ الموافق ٢٣ فبراير ٢٠٢١م عن بعد zoom عبر برنامج زووم
حيث شكر المحاضر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على ما تبذله من جُهدٍ واضحٍ في إثراء البحث العلمي في جميع التخصصات، وبخاصة اللغةُ العربية؛ وآيةُ ذلك هذا المشروع العلمي الذي نتحدث عنه الآن، والموسوم بـ (شفاء الصدور في حلِّ ألفاظ الشذور، لمحمد بن محمد بن عبد المنعم الجوجري ت 889هـ: تحقيق ودراسة)، ورقمه (18-11-04-008)؛ إذ تبنته عمادة البحث العلمي منذ أنْ كان فكرة إلى أن أصبح كتابًا سيكون بين أيدي الدارسين والباحثين قريبًا بإذن الله تعالى.
والكلام في هذا المشروع كثير ومتنوع؛ لذا سيقتصر الحديث على المحاور الآتية:
1. كلمة موجزة عن تحقيق المخطوطات.
2. شفاء الصدور: (مادته، ومنهجه التصنيفي العام).
3. السمات النحوية البارزة في الشفاء.
4. (الشفاء) وأدوات الصناعة النحوية.
5. (الشفاء) ما له وما عليه.
أولًا: كلمة عن التحقيق:
تَنظر جامعة الإمام إلى التراث العربي الإسلامي على أنَّه قوةٌ دافعة من وظيفته في الحياة الحاضرة: وهي أنْ يَشيعَ في النفسِ العربية الثقةَ بالذاتِ، وأن يبعث فيها كلَّ قدراتِها الكامنةِ، وأن يستجيش قُواها الخيِّرةَ لمواكبة الحضارة، والمشاركةِ في ريادِتها والسبقِ إليها.
وتنظرُ جامعة الإمام إلى التراثِ العربي الإسلامي على أنه قوةٌ دافعةٌ بما يَحوي من الذخائر والتجاربِ والحوافز ما لا بُد من تَعرفِه، والاستناد إليه في تطلعاتنا إلى الحاضرة.
والنظرةُ إلى الوراء فيه هدفُها إحكامُ النظرةِ إلى الأمام؛ لأنَّ المستقبلَ الذي نريدُ بناءَه لا يُمكن أنْ يَنفصم عن الماضي. والتجربةُ الحضاريةُ التي حققتها الأمة العربيةُ طوال الأزمان تجعلها في موضعٍ متميِّزٍ يَتبدَّى في رسالتِها التي اُختصَّتْ بها، وأصالتِها التي صاغتْ شخصيَتها، وقدرتِها على الإبداع في ميادين المعرفة المختلفة.
وأهدافُ تحقيقِ أيِّ كتاب تنحصر في ثلاثة أمور تقريبًا:
أولها: تقديمُ النصِّ صحيحًا مطابقًا للأصولِ العلمية، كما أراد مؤلفُه. وهذا هو الهدف الأسمى من التحقيق هو تقويمُ النصِّ واستقامتُه وأداؤُه أداءً صادقًا كما وضعه مؤلفه، ولذلك يجبُ على المحقق أن يوجِّهَ جُلَّ اهتمامه إلى تحقيق هذه الغاية المرجوة.
يقول الأستاذ عبد السلام هارون في كتابه (تحقيق النصوص ونشرها ص: 39): "الكتابُ المحقق: هو الذي صحَّ عنوانُه، واسمُ مؤلفه، ونسبةُ الكتاب إليه، وكان متنه أقربَ ما يكون إلى الصورة التي تركها مؤلفه".
ثانيها: توثيقُ النصِّ نسبةً ومادةً.
ثالثها: توضيح النصِّ وضبطه.
ثانيًا: شفاء الصدور: (مادته، ومنهجه التصنيفي العام).
من هذه المختصراتِ النحوية المهمة مختصرُ (شذور الذهب في معرفة كلام العربِ)، للعلامة المحقق، فخرِ العربية جمالِ الدين بن هشامٍ الأنصاري (ت 761هـ)، وَهو مِنْ أشهرِ عُلماءِ القرنِ الثامنِ الهِجريِّ - الذين أَمْضَوْا حياتَهم في خِدْمَةِ اللغةِ العربيَّةِ تَعْلِيمًا وتَصْنِيفًا وتَدْرِيسًا، وحَملُوا أمانتَها، وتَعهَّدُوا قضيَّتِها؛ ليكونُوا مع جُنْدِها وحُماتِها ورُعَاتِها.
ومتنُ (الشذور) من المتون النحوية الفريدة في الترتيب والتبويب؛ وقد وضَعَه مُصنِّفُه للذين شَدَوْا من عِلمِ العربية شيئًا، وضَمَّنه معظمَ أبوابِ النحو بإيجازٍ دقيقٍ واختصارٍ غيرِ مخلٍّ؛ حيثُ لكلِّ حرفٍ فيه مدلُولٌ، ولكلِّ كلمةٍ دلالةٌ.
يُضاف إلى ذلك اشتمالُه على عددٍ من المباحث الموستوفاة التي لا نجدها بصورتها في كتابٍ آخر لابن هشامٍ.
وقد أكَبَّ عليه العلماءُ بالشرح والتَّعليق؛ منذُ أُلِّفَ حتَّى يومِنا هذا؛ فشرحَه مؤَلِّفُه، وشرحَه خَلْقٌ كَثيرٌ؛ ومن هذه الشُّروحِ النافعةِ (شفاء الصدور في حَلِّ ألفاظ الشذور)، للعلامة شمسِ الدين أبي عبد الله محمد بن عبد المنعم الجَوْجَرِي (ت 889هـ)، قال في مقدمته: "... فهذه ألفاظ مزجت بها عبارة شذور الذهب، وجعلتها إلى شرحه أسهلَ طريقٍ وأوثقَ سببٍ، فجاءت بحمد الله كافية في بيانه، شافية في تبيانه، انتقيتها من الشرح الذي وضعته عليه قبل ذلك، مراعيًا فيها التوضيح والتسهيل لما هنالك، فهي للمبتدي تبصرة، وللمنتهي تذكرة، وعلى الله أعتمد، وبه أستعين وأعتضد، لا حول ولا قوة إلا به".
يُمكن إجمال هذا المنهج فيما يأتي:
- بدأ بالمقدِّمات النحوية، وهي: (الكلمة، والكلام، والإعراب، والبناء، والنكرة والمعرفة)، ثُمَّ سرَدَ غالبَ موضوعات النحو تحت العناوين الأربعة الرئيسة الآتية:
-المرفوعات من الأسماء والأفعال، وحصرَها في عشرة أنواع.
- المنصوبات من الأسماء والأفعال، وحصرها في خمسةَ عشرَ نوعًا.
· المجرورات، وجعلها ثلاثةَ أنواعٍ.
· المجزومات وأنواع الجوازم.
وبعد أنْ انتهى من هذه الأبواب الأربعة تكلم عن:
- عمل الفعل، والأسماء التي تعمل عمل الفعل، والتنازع، والاشتغال، والتوابع، وموانع الصرف، والعدد.
ثالثًا: السمات النحوية البارزة في الشفاء.
ويُمكن إجمال سِمات هذا المنهج فيما يأتي:
- اعتماد أسلوب الشرح المزج.
- تميَّز الشرح بالإيجاز غير المخل، وأحيانًا كان يفصِّل حسب المقام.
- الإحالة إلى كتابه (شرح الشذور)، والإحالة إلى السابق واللاحق في (شفاء الصدور نفسه)،
- رجوعه إلى نُسخٍ متعددة لمتن (شذور الذهب).
- تنبيه القارئ، ودعوته إلى التأمل وإنعام النظر، وهذا أسلوب تعليمي بديع ونافع.
- الإجمال بعد التفصيل.
- أخذه عن كثيرٍ من النحويين، وكتبهم.
- عنايته بالحدود والتعريفات.
- عنايته بالعلة النحوية.
- عنايته بأقوال النحويين وآرائهم.
رابعًا: (الشفاء) وأدوات الصناعة النحوية.
برزت هذه الأدلة النحويَّةُ عند الجوجري في (شفائه) بروزًا يُشهدُ له فيه، فتمكَّنَ من توظيفها التوظيفَ المناسبَ لطريقه، والملائم لمنهجه.
فاستدلَّ بجميع أنواع السماع: القرآن الكريم وقراءاته، والحديث النبوي الشريف، وكلام العرب شعرًا ونثرًا، واستدل بالقياس، واستدل بالإجماع.
خامسًا: (الشفاء) ما له وما عليه.
أولًا: نتائج عامة حول (شفاء الصدور) وصاحبه.
ثانيًا: أهمّ مُميزات (شفاء الصدور).
ثالثًا: مواقف عدَّها البحث على الجوجريّ.
وأخيرًا:
أكرر شكري لعمادة البحث العلمي، وأشكر كلَّ الذين حضروا هذا اللقاء، وأرجو أن يكونوا قد أفادوا.
كتب الله لنا ولكم الأجر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والحمد لله أولًا وآخرًا
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.