حلقة نقاش العلاقة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية (الأبعاد التاريخية والآفاق المستقبلية)

​​​ضمن أنشطة عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أقام مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات حلقة نقاش بعنوان العلاقة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية (الأبعاد التاريخية والآفاق المستقبلية)، يوم الأربعاء ١٨ جمادى الآخرة ١٤٤١هـ، الموافق ١٢ فبراير ٢٠٢٠م، في القاعة المستديرة بمبنى المؤتمرات.

حيث رحب مدير مركز الملك عبدالله للدراسات الإسلامية وحوار الحضارات الدكتور علي الغامدي بالمتحدثين في الحلقة وبأعضاء هيئة التدريس وطلاب الدراسات العليا والباحثين والمهتمين مقدماً شكره الجزيل لمعالي مدير الجامعة وعميد البحث العلمي ووكيل العمادة للمراكز البحثية لدعمهم وتشجيعهم المركز ليتمكن من تحقيق أهدافة ورسالته ضمن وحدات الجامعة.

ثم أشار مدير المركز إلى أن هذه الحلقة العلمية جاءت تأكيداً لأهمية موضوع العلاقة بين الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الصينية في ظل العلاقة المتنامية، ولكون المملكة العربية السعودية قلب العالم الإسلامي، وقوة إقليمية كبيرة على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي، والصين قوة اقتصادية وصناعية وتقنية كبرى، سعت الدولتان لتنشيط الاتصال بينهما بإشراف مباشر من القيادات العليا للبلدين لإقامة علاقة استراتيجية طموحة تحقق للبلدين وشعبيهما التقدم  والاستقرار والرخاء. وقد التقت رغبة البلدين مع توجهاتهما المستقبلية التي تمثلت في "رؤية ،2030" "ومشروع الصين الكبير لإحياء (طريق الحرير)" حيث أطلقت الصين  قبل سنوات مشروعها الكبير لإحياء "طريق الحرير"، بمسمى جديد  (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن 21) "وتحت شعار "حزاٌم واحٌد.. طريٌق واحٌد"، وهو مشروع مستقبلي كبير طموح، وهذا يلتقي مع واحد من أكبر ثلاثة مبادئ تحكم رؤية السعودية 2030 وهو (محور ربط القارات الثلاث) أي الاعتماد على أهمية الموقع الجغرافي للملكة العربية السعودية.

ثم بدأت الحلقة بعرض المتحدثين لأوراقهم العلمية وفق المحاور الثلاثة التالية:

المحور الأول:

مستقبل العلاقة الثقافية بين الحضارتين وفق المعطيات التاريخية والراهنة:

* أهم المنطلقات لبناء علاقة قوية ومفيدة.

* السيناريوهات والتصورات والأساليب المناسبة لمستقبل أفضل بين الحضارتين.

* عرض أهم الركائز التي تساعد على تطوير العلاقة بين الصين والمملكة العربية السعودي.

  • تقديم مقترحات تساعد على السير نحو المستقبل لإقامة علاقة استراتيجية بين المملكة والصين.

تحدث الدكتور صالح الصقري الملحق الثقافي في الصين سابقاً وأستاذ التاريخ والحضارة المساعد في كلية العلوم الاجتماعية مقدماً شكره لمركز الملك عبدالله على تنظيمه مثل هذا اللقاء العلمي الهام، وذكر أنه أول لقاء علمي من هذا النوع على مستوى الجامعات السعودية، وأن أهمية هذا الموضوع تنبع لما لهاتين الحضارتين من تاريخ عريق وتأثير واضح جميع الحضارات، وطالب بتكثيف مثل هذه الملتقيات العلمية ودعوة الباحثين والخبراء من جمهورية الصين الشعبية وممن له اهتمام بهذا الموضع، وأشار أهمية التطور الذي تشهده العلاقات السعودية الصينية في الوقت الراهن، موضحاً أن يتوافق مع ذلك حراك علمي وثقافي يتناسب مع مستوى العلاقة بين الحضارتين العربية الإسلامية والحضارة الصينية من جهة، ومع دور المملكة ومكانتها الإقليمية والعالمية ومكانة الصين كقوة عالمية كبرى.

المحور الثاني: دور المملكة العربية السعودية في بناء علاقة متينة مع الصين:

*  أبرز محطات  التأثر والتأثير بين الحضارتين العربية الإسلامية والصينية.

*  استعراض تاريخ العلاقة بين المملكة والصين.

*  انعكاسات العلاقة بين البلدين على المملكة.

  • انعكاسات العلاقة بين البلدين على العالمين العربي والإسلامي.

وفي هذا المحور أشار الدكتور زهير الشهري عميد كلية العلوم الاجتماعية والأستاذ المشارك بقسم التاريخ والحضارة بالجامعة إلى أنه ينبغي فهم بعض الجوانب الهامة ومنها نظرة الصين للعالم، ثم العوامل المؤثرة في بناء العلاقة مع الصين، وإذا تأملنا هذين الجانبين نجد أن:

الصين تنظر للعالم المعاصر وفق ثلاث اعتبارات:

-       حضارة الصين

-       قوة الصين الصاعدة اقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً

-       الاعتبار العقلاني في التطور العالمي المعاصر القائم على عدة ركائز.

أما العوامل المؤثرة في بناء العلاقات السعودية الصينية فهي تتركز في:

-       الجيوبولتكي

-       التعاون الاقتصادي

-       التعاون العسكري

-       التعاون السياسي والأمني

-       رؤية المملكة العربية السعودية 2030

هنا بعض الأرقام التي توضح مستوى العلاقات السعودية الصينية

-       بلغ اجمالي التجارة البينية عام 2016م أكثر من 42 مليار دولار (أكبر شريكين تجاريين في غرب آسيا وافريقيا)

-       اجمالي المشروعات المشتركة أكثر من 5 مليارات في مجالات

-       الاستثمارات السعودية في الصين حوالي 12 مليار دولار

-       الشركات السعودية المستثمرة في الصين أكثر من 290 شركة في الصناعة والتجارة والبحث العلمي والخدمات الفنية.

والعلاقة بين المملكة العربية السعودية والصين في القرن (21) في تطور ونمو لعدة أسباب منها:

-       الصين ترى المملكة العربية السعودية الشريك المناسب في مبادرة (الحزام والطريق) لخدمة 60 دولة

-       الموقع الاستراتيجي للملكة العربية السعودية.

-       مكانة المملكة في مجال الطاقة.

-       وجود البيئة الاستثمارية المحفزة – المدن الاقتصادية.

-       المواءمة مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030.

  • تنامي الثقة ومتانة العلاقات السياسية والثقافية والعلمية.

العلاقات الاقتصادية

-       بدأت باستثمارات وصلت إلى مليار دولار في عام 1990، حتى ارتفعت إلى أكثر من 70 مليار دولار بحلول عام 2013

-       أعلنت شركة “أرامكو" السعودية عن توقيعها 5 اتفاقات جديدة لتوريد النفط لعملاء صينيين، ليبلغ إجمالي حجم اتفاقات التوريد إلى الصين خلال عام 2019 نحو 1.67 مليون برميل يوميًّا.

-        بلغت حصة شركة المملكة القابضة في شركة 360 BY الصينية العملاقة المتخصصة في البيع عبر الإنترنت 5%، بقيمة 400 مليون دولار، إلى جانب فندق “4 SEASON"  في العاصمة بكين.

العلاقات الثقافية والعلمية:

-       أكد البلدان أن جميع الحضارات يجب أن تتبادل الاحترام والتسامح، بما يحقق التعايش المنسجم بين مختلف الحضارات البشرية.

-       استثمرت المملكة 150 مليون دولار لبناء “الجناح السعودي"، في “إكسبو شنغهاي الصين 2010″،عام 2013، وجهت الدعوة للصين كضيف شرف في مهرجان الجنادرية السعودي، حضرت السعودية كضيف شرف في الدورة العشرين لمعرض الكتاب الدولي في بكين 2013م.

-       أطلقت المملكة العربية السعودية، قمرا (سات 5 أ) و(سات 5 ب) من الصين إلى الفضاء، بعد تطويرهما محليًّا، حيث يتميزان بالاستشعار عن بعد عالي الدقة وقد صنعا لأغراض الاستطلاع.

-       وفي إنجاز علمي فريد على مستوى المنطقة والعالم الاسلامي، شاركت المملكة العربية السعودية الصين في رحلة نادرة لاستكشاف الجانب غير المرئي للقمر عن قرب، في إطار اهتمامها المتنامي باستكشاف الفضاء البعيد، في العام 2017.

اتفاقات عام 2017 م للقطاع الخاص:

•       توقيع 21 اتفاقية استثمارية على هامش منتدى الاستثمار السعودي الصيني في مجالات الاستثمار والطاقة والبتروكيماويات والمقاولات وتقنية الاتصالات.

•       اتفاقية بين أرامكو السعودية وشركة نورنكو ((NORINCO  في مجالات استكشاف التعاون الاستراتيجي وفرص الاستثمار في مجال التكرير والتسويق والبتروكيماويات.

•       اتفاقية بين آرامكو وشركة ايورسون ( AEROSUN ) في مجال استكشاف فرص الاستثمار في المملكة في مجالات الهندسة والتصاميم وتصنيع الأنابيب ومجالات الأبحاث والتطوير.

•       اتفاقية بين الهيئة الملكية للجبيل وينبع وشركة بان-آسيا (PAN-ASIA) لتخصيص موقع لمعمل جازان البتروكيماوي بحجم استثمار يقدر بــ 2 مليار دولار.

•       اتفاقيتين مع شركة »هواوي« الصينية لإنشاء مركز الابتكارات لخدمات المدن الذكية، وإنشاء مركز هواوي للتدريب بمدينة ينبع الصناعية.

•       اتفاقيات مع شركات صينية في مجالات البناء بتقنية 3D، وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة المتجددة، الهندسة الآلية، وغيرها من المجالات.

•       مشروع المجمع الصيني العملاق «بان آسيا» في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية،

•       هذا المشرع الذي يعتبر من إحدى ثمرات مؤتمر دافوس الصحراء في الرياض برعاية ولي العهد

•       وتم توقيع اتفاقية بين شركة أرامكو وشركة بان آسيا الصينية بإنشاء مجمع بتروكيماويات في جازان، ويهدف المشروع إلى إنتاج 2,500,000 طن متري  من حمض التريفثاليك النقي ومليون طن بولي إيثيلين تيرفثالات و200 ألف أغشية البوليستر الرقيقة، وغيرها كثير من البتروكيماويات الأساسية المستخدمة في صناعة الدواء وصناعة عبوات البلاستيك والأواني المنزلية والمنسوجات الاصطناعية وأقمشة المفروشات وإطارات السيارات والسيور وأحزمة الأمان وتوفر فرص عمل 2500 شخص بميزانية 14 مليار ريال تقريبا.

التعاون العسكري

تنظر السعودية والخليج والعرب الى الصين كشريك نزيه بلا تاريخ استعماري أو مغامرات عسكرية ولا تتدخل تحت دعايات حقوق الانسان.

المحور الثالث: تصور مفهومي ومنهجي للدراسات المستقبلية:

* تحديد وتحليل ونقد أبرز المفاهيم والمنهجيات في بعض الدراسات التي تناولت العلاقة بين الحضارات .

* ​عرض وتحليل موجز لأهم النظريات والتصورات التي تقاب العلاقة بين الحضارات، وأهم آراء الباحثين والفكرين حولها.

  • تقديم تصور مفهومي منهجي للدراسات التي تتناول الحضارتين العربية الإسلامية والصينية.

وفي هذا المحور ذكر الدكتور علي الأسمري الباحث العلمي بمركز الملك عبدالله إلى أنه في العقدين الأخيرين من القرن العشرين شهدت الساحة الثقافية العربية تنامياً واضحاً في الدراسات التي عنيت بالعلاقة بين الحضارات والثقافات، وصاحب ذلك تراكم معرفي وعلمي تمثل في العديد من المفاهيم والمصطلحات والأفكار والمناهج والنظريات والنماذج، ودار حولها الكثير من السجالات والجدل والنقاشات العلمية والمعرفية، ولم يزل الكثير منها محل نقاش وبحث وتمحيص بين المفكرين والباحثين والمهتمين.

ويجد المتتبع لهذه المفاهيم والمصطلحات والنظريات أنها قد تأثرت تأثيراً واضحاً بالظروف والاتجاهات الثقافية والفكرية والايدلوجية؛ لذلك فهي تحتاج أن يكون الباحث في مجال العلاقات بين الحضارات مستحضراً  كل ذلك وهو يوظف تلك المفاهيم والمصطلحات والنظريات والنماذج في مقارباته العلمية.

وخلاصة القول في هذا المحور فيما يتعلق بالتصور المستقبلي لمقاربة العلاقة بين الحضارات وخاصة العربية الإسلامية والصينية يمكن إيجازها في النقاط التالية:

أ‌-      على الباحث الجاد في مجال العلاقة بين الحضارات أن يبذل جهداً كبيراً في سبيل تحرير المفاهيم والمصطلحات، لكونها لم تزل محل نقاش وسجال بين الباحثين والمفكرين والمهتمين بهذا المجال، باعتبار مرجعياتها الفكرية من ناحية وغموض وضبابية الكثير منها إما بسبب الترجمة أو تقاطعها مع مفاهيم أخرى في حقل العلاقات الدولية وغيره من حقول المعرفة والعلوم.

ب‌-    أنه يمكن تطوير بعض الأفكار والنظريات ذات المرجعية العربية الإسلامية التي تشكلت -خلال العقدين الماضيين- بعض ملامحها المفاهيمية والمنهجية والنظرية ومنطلقاتها الفكرية؛ وهي جديرة أن تكون مرتكزاً منهجياً ونظرياً في التواصل مع الحضارات والشعوب المختلفة، والإفادة مما توصلت إليه في مختلف المجالات.

ت‌-    الاتجاه نحو الدراسات المستقبلية، وعدم الارتكان للدراسات الحضارية رصداً وتاريخاً وعدم التوقف عند هذا المستوى، إنما اتخاذها أحد المنطلقات لاستشراف مستقبل أفضل يقوم على التنوع التعدد لصناعة مستقبل إنساني يسوده التفاهم والتعايش والتعاون بين مختلف الثقافات والحضارات والأديان.

ثانياً: موجز عن أهم المداخلات والتعليقات:

بعد تقديم المتحدثين ما لديهم عن محاور الحلقة فتح المجال للمداخلات والتعليقات، من قبل أعضاء هيئة التدريس الحاضرين وطلاب الدراسات العليا والمهتمين بمجال حوار الحضارات.

أ.د/ عبدالمحسن السميح. أستاذ الإدارة والتخطيط بكلية التربية، وعميد المركز السابق.

أ.د/ عبداللطيف الحميد. أستاذ التاريخ والحضارة بكلية العلوم الاجتماعية.

أ.د/ جمال مصطفي. أستاذ أصول التربية بكلية التربية، وباحث ومهتم بحوار الحضارات.

د/ صالح الجدعاني. مدير مركز تاريخ العلوم العربية والإسلامية وعضو هيئة التدريس بقسم التاريخ والحضارة في كلية العلوم الاجتماعية بالجامعة.

ثالثاً: التوصيات:

بعد الاستماع للمتحدثين والمداخلات والنقاشات العلمية ثم التوصل لعدد من التوصيات وأهمها:

1) عقد مؤتمر دولي تتبناه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من خلال مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات حول العلاقات الحضارية والثقافية بين الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الصينية انطلاقاً من الماضي نحو الآفاق المستقبلية، في ظل ما تشهده العلاقة السعودية والصينية من تطور متزايد في مختلف المجالات.

2) التأكيد على العمل المؤسسي من خلال الجامعات والمراكز البحثية والملحقيات الثقافية وطرح برامج ومبادرات ذات صيغة مستدامة.

3) إنشاء مركز في دولة الصين باسم خادم الحرمين الشريفين يعنى بالتعريف بالحضارة الإسلامية وتاريخ المملكة العربية السعودية.

4)  إنشاء مركز لتعليم اللغة العربية يحمل اسم المملكة العربية السعودية.

  1. إنشاء وحدة بحثية في تعنى بالدراسات المستقبلية استشرافاً لمستقبل العلاقات السعودية الصينية في المجالات الثقافية والعلمية والتربوية والتكنولوجية.

رابعاً: الختام:

أ‌- تقدم مدير مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصر وحوار الحضارات بالشكر الجزيل للمتحدثين وما قدموه من طرح علمي جاد، وللضيوف الحاضرين على حضورهم وإثرائهم الحلقة العلمية بما قدموه في مداخلاتهم وتعليقاتهم العلمية التي شكلت إضافة علمية لمحاور الحلقة.

ب‌- تقديم مدير المركز دروع تذكارية للمتحدثين.

 


هـ م
التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: