آثارنا .. وقفات ولمحات

الكاتب :   أ. محمد الشعيبي

الآثار مابين مُفِرِطٍ و مُفَرِّط


حاذر أيها السائر فلعل قدمك قد مشت على رفات أمم غابرة.

فلا شك أن هذه الأرض كانت مهداً للحضارات ومنبعاً للرسالات ومحضناً للأمم السالفة فلا يفاخرها في هذا مفاخر ولا يكاثر أهلها مكاثر،وإنك إن تنقلت بين أرجائها  وجدت في كل شبر منها أثراً لأمةٍ من الأمم.

لكننا في مشهدنا المعاصر ربما نفتقد إلى البوصلة التي تدلنا على الأثر والميزان الذي نزن به الخبر .

ربما يتبادر إلى ذهنك وهلةً أن مرادي من الأثر هو بقايا الأمم السالفة...و لكن المراد هو المنهج النبوي للتعامل مع آثار الأمم السابقة.

فنحن أضحينا اليوم بين مفرط فيها وداعياً إليها وبين مفرط بها ومحذر منها

دون طريق واضح ومنهجيةصحيحة في التعامل معها.

وهنا أشير بأن الآثار في بلدنا كثير ومتنوعة والتعامل معها مختلف على النحو التالي:

أولا:ما كانت آثاراً لأقوامٍ نزل بهم العذاب وحلت بهم العقوبة فهذه قد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن زيارتها إلا مسرعين باكين كما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم)

قال ابن حجر: قوله: إلا أن تكونوا باكين ليس المراد الاقتصار في ذلك على ابتداء الدخول بل دائماً عند كل جزء من الدخول.

وعن ابن عمر أيضًا: "أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود, فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين, فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا الإبل العجين, وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.

قال ابن حجر : وفي الحديث كراهة الاستقاء من بيار ثمود ويلحق بها نظائرها من الآبار والعيون التي كانت لمن هلك بتعذيب الله تعالى على كفره.

وأخرج البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر قال:(لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا،إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم،ثم تقنع بردائه وهو على الرحل)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فنهى عن عبور ديارهم إلا على وجه الخوف المانع من العذاب.

وقال ابن القيم:من مر بديار المغضوب عليهم والمعذبين لم ينبغ له أن يدخلها ،ولا يقيم بها بل يسرع السير،ويتقنع بثوبه حتى يتجاوزها،ولا يدخل عليهم إلا باكيا معتبراً.


ويتضح جلياً مما سبق أن المنهج الصحيح أن دخول هذه الديار لا يكون إلا على وجه الإعتبار والخوف والبكاء والإستغفار والإسراع لا على سبيل التنزه والمرح وأخذ الصور التذكارية .

ثانيا:

ما كانت آثارا عامة لقبائل عربية أو حوادث تاريخية ليست مرتبطة بما سبق ذكره فهذه مما لا حرج في زيارتها وذكر مآثرها وأخبارها.


أ. محمد الشعـيبي

وكيل المعهد للمرحلة المتوسطة 

التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: