شهر رمضان شهر القرآن والغفران

الكاتب :   د. محمد الواصـل

بسم الله الرحمن الرحيم

شهر رمضان شهر القرآن والغفران

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أما بعد :

نسعد ونفرح بقدوم شهر رمضان لأن فرحنا بلقائه والشوق إليه والاستعداد لاستقباله عبادة، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).قلوبنا فرحة باستقبال رمضان لأن الله منحنا فرصة جديدة للإقبال عليه في حين حرم فضله آخرين، فلله كم من حبيب فقدناه وكم من قريب بأيدينا دفناه، طويت صحائف أيامهم وضاعت أحلامهم وودوا لو أنهم يدركون يوماً واحداً من رمضان ليصوموا ويقوموا ويقرأوا القرآن ، لكن سبقتهم إلى ذلك آجالهم، فاللهم ارزقهم على حسن نياتهم واكتب لنا ولهم أجر مضان أعواماً عديدة وأزمنة مديدة ، دموع بلوغ رمضان واستقبال التهاني فيه تعزز في قلوبنا نعمة بقاء هذا الدين وحفظه وإن سعى لتلويث صفحاته الحاقدون، باقٍ وإن سعى لتهميشه المعادون ، فرحة الشوق بلقاء رمضان تجبر كسرنا على تفريطنا في رمضان الفائت الذي مر علينا سريعاً ، وودعناه بتلاوات لم تكتمل ، وعبث ولهو، وتفريط في سحر، وتغافل عن أجور وانشغال بالدنيا ، الفرحة تغمرنا لأن رمضان أتانا ونحن نتقلب في نعم الله ، أمن وإيمان ، وصحة وعافية ولمِّ شمل وذكرى حسنة ، ووقت للتوبة ولإنابة والعودة ، في حين أن هناك راحل كان ينتظر ، ومريض هدّه المرض ومقعد كان يؤمّل ، ونفوس تترقب الفرج وتشتاق للأمن ، نُّفوسَنا مُتَلهفَة لقدوم هذَا الموسمِ العظيمِ استبشاراً ببشارة صلى الله عليه وسلم:( أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم ) و هذا كله محض الفضل والمنّة فلله الحمد من قبل ومن بعد، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام. هنيئاً لك يا من استقبلت رمضان ، كيف لا وقد استقبلت شهراً ليس كبقية شهور العام ، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات من رب الأرض والسماوات ، يستبشر بهلاله قدوم أعظم مواسم الطاعات لمضاعفة الحسنات ، وتكفير السيئات ، هنيئاً لك يا من استقبلت رمضان ، فهو شهر الخيرات والبركات ، فرض الله صيامه، وجعله فرصة لتغير النفس ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ، فتحقيق التقوى هي الغاية والمراد ، لذا كانت هي الثمرة المرجوة من الصيام ، هنيئاً لك يا من استقبلت رمضان ، فهو شهر الرحمة والإحسان عاد بالفرح والسرور ليعم خيره أرجاء الدنيا وينشر فيها المودة والرحمة بين المسلمين ، يتسابق فيه عباد الرحمن لتحصيل الأجر والثواب والتعرض لنفحة من نفحات الله ، فالأجر فيه ليس كبقية الأجور ، فقد اختص الله ثوابه ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ؛ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ) ، هنيئاً لك يا من استقبلت رمضان ، فهو شهر تفتح فيه أبواب الجنان ، وتغلق فيه أبواب النيران ، فيا فوز من اقتنص الفرصة قبل الفوات ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم( أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ )،هنيئاً لك يا من استقبلت رمضان ، فهو شهر أختصه الله لمن أخلص النية فيه ، محتسباً ما أعده الله من ثواب أن يغفر له ما تقدم من ذنبه ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) هنيئاً لك يا من استقبلت رمضان ، فهو شهر عاد بعد عام ليذكرنا بنعمة الله علينا ، أن بلغنا هذا الشهر العظيم ، وقد قطع الأجل والمرض عنه أناس كثر ، وهم يتمنون حصول ثوابه ، فلنغتنم بلوغنا إياه ، فلعله إلينا لا يعود ، فلله الحمد والمنة والفضل على كرمه وإحسانه، بأن أطال لنا في العمر كي نتعرض لنفحة من نفحات الله في شهر البر والخير والإحسان ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قاله كاتبه

د . محمد بن سليمان الواصل

التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: