ماهيّة العِلم

الكاتب :   أ. بـندر الأسـلمي

​     إن حضور الإنسان تاريخيًا ليس بما يمر فيه من أزمات ومكان وإنما حضوره يكمن فيما أنتجه عقله، هذا العقل الذي يمثل شعلة أنتج بها أخطر ظواهر الحضارة الإنسانية أو ما صار يعرف بالعلم.

     فالعلم أنبل فعاليات الإنسان وأكثر أشكال الحضارة البشرية حضورا وتعينًا وتمثلاً وأشدها إيجابية، ويمكن القول إن العلم كموقف إنساني هو في جوهره أقدم عهدا من التاريخ، بدأ قبل أن يبدأ التاريخ، ببداية وجود الإنسان في العالم، أو على أقل الفروض منذ العصر الحجري قبل بداية الحضارة الإنسانية وتاريخها المكتوب بزمان سحيق. 

       وهذه الحقب السحيقة من تاريخ وجود الإنسان في الكون، ما كان يمكن اقتحامها ومحاولة دراستها إلا بواسطة مناهج للبحث وأساليب وأدوات ووسائل، تطورت فقط في القرن العشرين.
      إن العلم الحديث يمثل أشد المراحل بحضور العقل العلمي، وتطوره المتميز، ويشكل سابقة جلية في تاريخ العلم وفلسفته. 

 أن القرن العشرين تضاعف فيه مردود العلم وأصبح العامل الفعال في تشكيل العقل والواقع، وفلسفة العلم صارت أهم فروع الفلسفة ما هو العلم؟

        إن ما وصل إليه عالمنا الحالي من التقدم في عدة مجالات إنسانية وتقنية كانت نتيجة تطور المعارف النظرية والعملية وتكاملها وترابطها في هذه المجالات، ومجموعة المعارف النظرية والعملية والمستندة إلى الموضوعية والتي تقوم على منهج واضح يطلق عليها العلم.
       وقد عرف جون ديوي العلم بأنه كل دراسة منظمة قائمة على منهج واضح مستند إلى الموضوعية سواء أفضت بنا إلى قوانين أو أدت بنا إلى قواعد عامة تقريبية وهناك من عرف العلم بأنه نشاطًا فكريًا ومادة معرفية، والمعرفة ماهي إلا مجموعة من المعتقدات والتصورات والمعاني والأحكام الفكرية تتشكل من خلال المحاولات المتكررة لفهم الأشياء، ونظر البعض إلى العلم بأنه وسيلة لغاية ذلك لأنه يمدنا بالإجابات المختلفة لتساؤلات ماذا حدث؟ وكيف حدث؟ ولماذا حدث؟ 

       ونظراً لأهمية العلم كنشاط منظم يمكننا من تحصيل المعرفة؛ فقد نظر إليه البعض بأنه معرفة تتعلق بإدراك الروابط والعلاقات القائمة بين الروابط أي جعل القوانين "العلاقات بين الظواهر" هدفا للعلم بدلاً من العلل التي هي هدف العلم الأساسية.


        ويرجع الاختلاف في تعريف العلم إلى تنوع المداخل للتعريف وذلك لأن من يؤكدون على أن العلم وسيلة ينظرون للعلم باعتباره مصدر المعرفة في حين من يؤكدون على أن العلم معرفة منتظمة فهم ينتمون إلى الفريق الذي يقيم الرابطة بين العلم وأهدافه المختلفة في تحصل المعرفة، أما الفريق الذي يؤكد على ضرورة توفر النظرية والمنهج العلمي فهو الذي يؤكد على ضرورة توفر النظرية والمنهج للعلم، فيذهب بعض العلماء إلى أن العلم معرفة من نوع خاص محدد يتم فحصها بطرق منهجية مميزة ومرتبطة بفروض نظرية وتجريبية، وهذا التعريف يؤكد أن العلم نظام متكامل ينهض على عناصر تجريبية ونظرية وأساسية تميز النظام العلمي عن غيره من النظم الأخرى في تحصيل المعرفة، ورغم أن جميع العلوم تختلف عن بعضها من حيث موضوعها والمادة التي تهتم بدراستها إلا أنها تتفق جميعها من حيث استنادها إلى المنهج العلمي للوصول إلى المعرفة. 


التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: