د.الميمن يشارك في "ندوة الثلاثاء" ويحذّر من خطر الجماعات الإرهابية

 

شارك فضيلة وكيل جامعة الإمام لشؤون المعاهد العلمية الأستاذ الدكتور إبراهيم بن محمد قاسم الميمن مع نخبة من المتخصصين والباحثين في الشؤون السياسية والأمنية والجمـاعات الإرهابيـة المتطرفة وذلك ضمن ندوة الثلاثاء والتي تستضيفها صحيفة الرياض حيث تحدث عن نبتة الخوارج و قضية نشوء ظاهرة الإرهاب بشكل عام في البيئة الإسلامية التي يمكن أن يجذّر الإنسان هذا الأمر إلى حياة الرسول -صلى الله عليه وسـلم-، وذكر  بأنّه مـن المعـلوم أنّه في حيـاته -صلى الله علـيه وسلم- نبتت نبتة الإرهاب، وذلك على خلفـية معـركة معـروفة بعـدها كانت ظـاهرة قسـمة للغنائم بطريقة رأى فيها الرسـول -صلى الله عليه وسـلم- وهـو الحاكم والإمـام أن تقسَّم الغنـائم لمصلحة الإسـلام بطريقة معيـنة، فكانت تلـك النابتة التي واجهـت الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الموقف بطريقة منكرة بشعة، حيث قال له: "أعـدل يا محمد"، فقـال له رسـول الله -صلـى الله عليه وسلم-: "ومن يعدل إذا لم أعدل"، ووقعت عليه الكلمة وقعاً شديداً، فقال: "أيأمنني أهل السماء ولا تأمنـوني"، بعـدها بيّن الرسـول -صلى الله عليـه وسلم- أنّ هـذا الـموقف ليـس ردة فعـل ولا مـوقـفا شخصيا، وإنما هذا الفكر سيمتد، ولذلك قال: "يخرج من ضئضيء هذا قـوم يحقر أحـدكم صلاته عـند صلاتهم، وعبـادته عنـد عبادتهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، يقتلون أهـل الإسلام ويدعون أهل الأوثان.. إلى آخر ما هنالك من الأوصاف"، موضحاً أنّ قوله: "يخرج من ضئضيء هذا" ليس المراد من نسلي كما بيّن كثير من الحفّاظ والمحدثين؛ لأنّ الثابت أنّ عامة الخوارج ليسوا من نسل هذا الرجل، وإنما المقصود على منواله وشاكلته، وفكره، وطريقته؛ مما يجعله أصل الخوارج وبذرتهم، وبالفعل كان ما أخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم-. .

 

وتحدث الدكتور  الميمن : على أن شبهات المحرضين تجاوزت «الولاء والبراء» إلى إسقاط شرعية الحكام، وأضاف أنّه في أحاديث أخرى أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّ هذا الفكر سيمتد إلى قيام الساعة، ولذلك قال: "كلما ظهر منهم قرن قطع حتى يخرج في اعراضهم الدجال"، حيث أنّ "كلما" تدل على الاستمرار إلى قيام الساعة، ولذلك قال: "حتى يخرج في أعراضهم الدجال"، في إشارة إلى أنّ ضلالهم يمتد إلى هذا الضلال الكبير؛ إذ يخرجون في أوقات مختلفة من التاريخ، مستشهداً بما حصل في زمن سيدنا عثـمان -رضـي الله عنـه-، وكيـف قادوا الفـتنة، وألبوا الـناس، وركّزوا على ما كان يُركّز عليه في عهد الرسـول -صلى الله عليه وسلم-، حيث أنّ هذا الرجل ركز على قضية الأموال وقسمة الغنائم، وأيضاً في عـهد سيدنا عثـمان -رضـي الله عنه- التركيز ذاته والقضية نفسها، وكانوا يتهمونه أنّه يحابي قرابته، وإلى آخر ما هنالك! وكانت الفتنة التي انتهت بمقتل هذا الخليفة الراشد الذي هو من خيرة الصحابة ومن المبشرين بالجنة، ثم كانت هذه النابتة في عهد علي رضي الله عنه.

وأشار إلى أنّه إذا أردنا أن نبحث في تسبيب هذه الظاهرة، فيمكن أن نقرأ هذا على ضوء ما ورد في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فالنبي الكريم بيّن أسباب حملهم هذا الفكر، من حماسة وطيش مع جهل وقلّة علم، وإن كانت هناك عبادة منهم فهم لا يُقاسون بكثرة العبادة، ولذلك قال: "يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم"، يعني ليس هناك فهم، ولا هناك أخذ لهذا القرآن من منابعه وعلى ضوء فهم سلف هذه الأمة، وإنما الأخذ بظواهر النصوص، ولهذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "يذهبون إلى آيات نزلت في الكفار فينزلونها على المسلمين"، وهذا واقعهم في كل عصر، مبيّناً أنّ البعد الفكري هو المبدأ الرئيس والمنطلق الذي ينطلقون منه، ولا يقلّل من شأن العوامل الأخرى التي تنشأ في كل ظروف وفي كل حين، وإنما البعد الفكري هو الأساس، مشدداً على أسباب أخرى من الجهل بالدين، والعاطفة، والتسرع، واستعجال النتائج، وكذلك حداثة السن، وقلّة التجرية، حيث ورد في أوصافهم "سفهاء الأحلام وحدثاء الأسنان"، وكل هذه إذا اجتمعت فهي أسباب، وهذا ما يظهر في هذا الفكر في كل عصر، خصوصاً عندما ننظر إلى ظروف نشوئه، وحينما ننظر أيضاً إلى تصرفاته وأفعاله وسلوكياته.

 

كما تطرق الدكتور إبراهيم الميمن إلى أهمية تفعيل البيانات الصادرة من وزارة الداخلية في المؤسسات مؤكداً على إن المجتمع بحكم عاطفته يحتاج إلى جهود العلماء، كما أنَّ على المؤسسات أن تؤدي دورها في جوانب الإرشاد والتوجيه والتوعية؛ للوصول إلى كافة الشرائح، خاصة شريحة الشباب، إلى جانب أن هناك بيانات صادرة من "وزارة الداخلية" تحتاج إلى تفعيل في المؤسسات، مشيراً إلى أن أي شخص يعمل في مؤسسة رسمية ويمارس عملاً أو برنامجاً ما يناهض سياسة الدولة، فإن هناك إجراءات تتخذ من قبل المؤسسة نفسها، وهذه صلاحية تمنح لكل المؤسسات بيد أنَّها لم تُفعّل بالشكل المطلوب.

 

وأوضح الدكتور إبراهيم الميمن أن عمل هؤلاء الإرهابيين ليس عملاً قائماً على ردود أفعال، أو حماس بناءً على مواقف معينة أو أحداث تقع، وإنما هي فعلاً استراتيجيات وتنظيمات تعتمد السرية والتمدد، وتعتمد كذلك على التكيّف مع الوقت، مشيراً إلى أن شبهات التشكيك في السابق كانت تعتمد على شبهات دينية مثل الولاء والبراء وإعانة الكفار، ولكن شبهات اليوم هي شبهات حقوقية مدنية للتكيّف مع الواقع.
وذكر أن التشكيك في ثوابت المجتمع لم يكن فجأة من دون مقدمات، وإنما كان تكتيكاً اتبعت فيه التنظيمات الإرهابية مسارات كثيرة، من أهمها إسقاط هيبة العلماء ومكانتهم، والتشكيك فيهم بأنهم عملاء، وأنهم علماء سلطة، ولا يفقهون الواقع، ثم ترميز أناس يراد منهم أن يكونوا مراجع بديلة؛ لأن الشباب لا بد أن يكون لهم من يعودون إليه في مثل هذه المواقف سواء في صورة فتاوى أو صورة تنظير أو في غير ذلك، وهذا جزء من عملية التشكيك في الثوابت الدينية.

وأضاف أن هناك مسار آخر طغى في الوقت الحاضر، وهو تعليق بعض التصرفات بالدعوات الاصلاحية، ودعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب على وجه الخصوص، حيث كان الإرهابيون في السابق يتعلقون بنصوص أئمة الدعوة والاتكاء عليها، وهو أمر مقصود؛ لأن الدعوة لم تأت بجديد وإنما إعادة الناس إلى دين النقاء والصفاء، وتنقيته من البدع والخرافات.

وأشار إلى أن من بين مسارات التشكيك في الثوابت أيضاً ما له علاقة باختطاف مصطلحات معروفة، مثل الولاء والبراء بمفهومها المشوّه الذي أرادوه، ومفهوم الجهاد، والحاكمية وغيرها من المصطلحات التي انطلقوا من خلالها إلى اسقاط شرعية الحكّام، مؤكداً أن هذه الركيزة في استراتيجيتهم مقصودة، موضحاً أن شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد ساهما بشكل كبير في تمرير تلك المفاهيم، والتشكيك في ثوابت الأمة لتحقيق أهداف تلك الجماعات التي استغلتها باحترافية لتصل إلى عقول الشباب.


كما حذر الدكتور إيراهيم الميمن من التعاطف مع الأفكار الإرهابية وأكد أنه يُمثل تحدياً قديماً، إذ ما تزال بعض القنوات تُغذي الأفكار نفسها، خاصةً أنَّها تتجدد مع الأساليب، إضافة إلى ضعف اللغة الإسلامية التي توصل الرسائل، مُضيفاً أنَّه متفائل، في ظل أنَّ التعاطف هنا لا يمثل إحباطاً بالنسبة للمخلصين والصادقين والناصحين الذي يرسلون رسائل واضحة، في الوقت الذي ما يزال فيه السواد الأعظم في خير وإلى خير، إلى جانب وجود الُّلحمة والاجتماع بين أفراد مجتمعنا، كما أنَّه لابُدَّ أن يكون لنا دور نبذله في هذا الجانب بصورة واضحة وشفافة وصريحة تعمل على كشف أجندات وأخطار المشبوهين، إلى جانب أهمية تجاوز الخطاب العام إلى خطاب مؤصل مبني على استقراء شبهات هؤلاء وكشفها للناس.

 

الأربعاء هـ 27/03/2576 م
التقييم: