من نعم الله تعالى على هذه البلاد المباركة, أن أمتن عليها بولاة أمر مخلصين صادقين محبين لرعيتهم, آثروا مرضاة الله تعالى, ثم خدمة وطنهم على كل مظاهر الملك والسلطان وقدموا مصالح رعيتهم ومواطنيهم على كل مصالحهم ورغباتهم وضحوا في سبيل ذلك بكل غال ونفيس حتى لو كان ذلك عافية البدن وصحة الجسد.. يعملون ليل نهار بكل ما أتوا من صدق عزيمة وصدق وإخلاص في سبيل رفعة دينهم ووطنهم وأمتهم بل تعدى ذلك إلى سعادة الإنسانية جمعاء.
امتلأت قلوبهم محبة لله ثم لوطنهم ومواطنيهم وأبناء أمتهم.. فبادلوهم حباً بحب وصدقاً بصدق ووفاءً بوفاء وإخلاصاً بإخلاص.. تجلت مظاهر تلك المحبة في أعظم صورها من خلال لحمة وطنية ووحدة وتلاحم عز مثيلها في هذا الزمان في مواقف عديدة ومواطن كثيرة يعجز الذهن عن حصرها في هذا المقام... تمثل ذلك كله في قول النبي صلى الله عليه وسلم:( خيار أئمتكم الذي تحبونهم ويحبونكم, وتصلون عليهم ويصلون عليكم..).
هولاء هم ولاة أمورنا, نحبهم ويحبوننا ننصح لهم وينصحون لنا..ذلك أن من قام بواجب النصيحة لأبنائه وبناته وسهر على رعايتهم, وقدم راحتهم على راحته ومصالحهم على مصالحه ومرض ليصحوا وشقي ليسعدوا ونصح لهم فإن الله يحبه ثم يحبه أهل الأرض قاطبة ثم يكون من ثمرة ذلك كما جاء في الحديث:( تصلون عليهم, ويصلون عليكم) أي : ( تدعون لهم و يدعون لكم) تدعون لهم بالهداية وصلاح البطانه و التوفيق للعدل في الرعية, والتوفيق لكل ما يحبه الله ويرضاه, وهم يدعون لنا بالصلاح والاستقامة على أمر الله وعمارة وطنهم بالخير والنفع والفائدة والأمن و الاطمئنان ومبادلة الحب بالحب... وهذا ما نجده واضحاً جلياً فيهم حب ودعاء ونصرة ومؤازرة ولحمة ووحدة عز نظيرها في الدينا..
إن خادم الحرمين الشريفين – الملك عبدالله بن عبدالعزيز-متعه الله بالصحة والعافية وأطال الله في عمره على طاعته- قد ملك القلوب وأسر الصدور , وأحبه الجميع ليس في هذا الوطن فحسب بل في سائر الأرض لما عرف عنه-حفظه الله-من الصدق والإخلاص والحب والإنسانية والشفافية.. فلا غرو أن تسعد القلوب لسعده وتحزن لمرضه أو توعكه أو إصابته بأي عارض مهما كان يسيراً..
إن البيان الصادر عن الديوان الملكي بخصوص الوعكة الصحية لملك الإنسانية- عجل الله بزوالها وإبدالها صحة وعافية- ليؤكد جميع المعاني التي وردت على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم-الذي أشرنا إليه آنفاً-فبمجرد صدور البيان إذ بأسمى آيات الحب والوفاء تظهر وإذ بأخلص الدعاء يرتفع إلى عنان السماء بشفاء ملكنا المحبوب وعودته للاضطلاع بمهامه المعهودة وتوجيهاته النيرة السديدة التي اعتادها أبناء شعبه وأمته منه.. ليؤكد بجلاء أن من ولاهم الله تعالى أمرنا لهم من خيار الأئمة الذين نحبهم ويحبوننا وندعوا لهم ويدعون لنا كيف لا, وقد عرفوا بالصدق والإخلاص والحب لأبناء وطنهم وأمتهم بل والعالم أجمع.. وصرفوا أوقاتهم وأعملوا فكرهم وجهودهم في تحقيق السلم والسلام والأمن والأمان في العالم أجمع ومحاربة كل ما يعكر صفو ذلك من إرهاب وغلو وتطرف وفساد وإفساد.. وسعوا بكل ما أتوا من عقل وفكر وحكمة وحنكة إلى نشر ثقافة الحب والتسامح والوسطية والاعتدال والتقارب والتحاور بين أمم وشعوب وحضارات وأديان الأرض حتى رأينا العالم في عصر جديد من التقارب والتسامح والتفاهم والحوار.. فكم من حرب أخمدت وكم من خصومة انقطعت وكم من عدواة زالت وحل مكان ذلك كله سلام ووئام وإنسانية وتعاون على خدمة الإنسان وأمنه وراحته و اطمئنانه حيثما كان.
فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى في هذه الإيام المباركة أيام عشر ذي الحجة وحج بيته العتيق أن يمن على ملكنا الصالح المحبوب ملك الإنسانية ملك الصدق والوفاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- وقاه الله من كل مكروه – بالصحة والعافية وطول العمر على محبته وطاعته وخدمة دينه ووطنه وأمته.. وحفظ الله إخوانه وأعوانه وبلادنا من كل سوء ومكروه, وآخر دعوانا أن الحمدالله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أ. د أحمد بن يوسف الدريويش
وكيل جامعة الإمام لشؤون المعاهد العلمية
للاطلاع على المقال في جريدة الرياض أضغط
( هنا )