مقدمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:

فإن الحضارات تقاس بعمق جذورها في التاريخ، واستمرار أثرها على مر الزمان، وتقاس عظمة الرجال بما تركوه من قيم وإنجازات تكون قدوة لمن بعدهم، والملك عبدالعزيز – رحمه الله – قد حقق نقلة حضارية بما بناه، وأسسه من دولة، وما جمعه من كلمة تحت راية الإسلام العظيمة، استمراراً للنهج الذي قامت عليه الدولة السعودية في دوريها الأول والثاني.

ولد الملك عبدالعزيز في الرياض في التاسع عشر من شهر ذي الحجة عام 1293هـ (1876م)، ونشأ نشأة صالحة على يد والده الإمام عبدالرحمن، وتأدب بآداب الإسلام وتشرَّب تقاليد أسرة آل سعود التي قام حكمها على أساس مناصرة العقيدة وتطبيق الشريعة الإسلامية، وقد وهبه الله – عز وجل – من التدين والذكاء والفطنة والحكمة والعزم والحزم وبعد النظر والمعرفة التامة بتاريخ الأمم وأحوالها وتحولاتها ما ساعده على تحقيق نجاحات كثيرة من أبرزها توحيد البلاد وتأسيس المملكة العربية السعودية، على العقيدة الصحيحة والمنهج السليم، وتوطيد ونشر الأمن والاستقرار في أرجائها.

خرج الملك عبدالعزيز مع والده وأسرته من الرياض في عام 1309هـ (1891م)، ومكث مع البادية مدةً قصيرةً وتنقل بين قطر والبحرين إلى أن استقر في الكويت، وأقام فيها حتى خرج منها إلى الرياض في محاولته الأولى في عام 1318هـ (1901م)، ثم في عام 1319هـ (1901-1902م) عندما تمكن من استرداد الرياض، وتأسيس الدولة السعودية بعد عشر سنوات من انتهاء الدولة السعودية الثانية.

قاد الملك عبدالعزيز مسيرة التوحيد وكون من خلالها أعظم وحدة وطنية في العصر الحديث في العالم العربي، وجاهد في بناء الدولة السعودية الحديثة في النواحي الدينية والسياسية والإدارية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية، واستمر هذا البناء الحضاري الكبير إلى اليوم، يزداد شموخاً وامتداداً في عطاءاته المتجددة.

عرف عن الملك عبدالعزيز من الصفات إيمانه القوي بالله وقوة صلته به، ونبل أهدافه وإنسانيته وعفوه، ومحبَّته للخير، ونشر العلم والمعرفة، ومن صفاته أيضاً صبره على المكاره، وحنكته وعبقريته وقدرته الفريدة في اختيار الرجال، وتحويل خصومه إلى رجالٍ مخلصين.

تلقَّب الملك عبدالعزيز بعدد من الألقاب خلال حياته إضافة إلى لقب الإمام الذي عرف به أجداده أيضاً:

أمير نجد ورئيس عشائرها    1319هـ (1902م).

سلطان نجد وملحقاته    1339هـ (1920م).

ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها  1344هـ (1926م).

ملك الحجاز ونجد وملحقاتها   1345هـ (1927م).

ملك الملك العربية السعودية    1351هـ (1932م).

وفي الثاني من شهر ربيع الأول عام 1373هـ (التاسع من شهر نوفمبر عام 1953م) توفي الملك عبدالعزيز – رحمه الله – في الطائف، وصلي عليه ودفن في الرياض، وخلفه في الحكم ولي العهد ابنه الملك سعود رحمه الله.