استؤنفت صباح اليوم الخميس 1436/5/21هـ جلسات المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز الذي والذي يقام برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وتنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال الفترة 20-21 جمادى الأولى 1436هـ.
حيث بدأت جلسات اليوم بالجلسة السابعة التي كان محورها (التحولات الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية) ورأسها مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالنيابة الدكتور فوزان بن عبدالرحمن الفوزان وتحدث فيها الباحث الأستاذ الدكتور راشد بن سعد بن راشد القحطاني عن بحثه المعنون "مكتبة الأمير مساعد بن عبدالرحمن أنموذجاً للمكتبات في عهد الملك عبدالعزيز" فقال: إن توحيد المملكة العربية السعودية بعد توفيق الله على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ساهم في انتشار الأمن و الأمان في ربوع المملكة العربية السعودية مما كان له الأثر الكبير في تطور الحركة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، حيث برزت المكتبات كظاهرة ثقافية في المجتمع، و من ذلك نشوء المكتبات الخاصة التي حرص أصحابها على تكوينها وإنشائها، وبين أن مكتبة سمو الأمير مساعد بن عبدالرحمن – رحمه الله- تعد أول مكتبة عامة تنشأ في مدينة الرياض في عهد الملك عبدالعزيز – طيب الله – ثراه، وكان ذلك عام 1363هـ.
وتحت عنوان "الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على المملكة العربية السعودية (الظاهرة والمعالجة) 1348-1353هـ/1929-1934م" للباحثة الأستاذ الدكتور دلال بنت مخلد الحربي عضو مجلس الشورى، بينت الباحثة من خلال البحث أنه في عام 1348هـ/ 1929م حدث الانهيار الكبير Great Depressior في سوق الأسهم الأمريكية في نيويورك، وخلَّف ذلك الانهيار أزمةً اقتصاديةً عالميةً، ظهر تأثيرها على التجارة العالمية، وامتد ذلك التأثير إلى جميع دول العالم تقريباً؛ ومن بينها المملكة العربية السعودية؛ التي كانت تُعْرَفُ باسم: «مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها» حتى 21 جمادى الأولى 1351هـ 23 سبتمبر 1932م، حيث تغير اسمها إلى: «المملكة العربية السعودية»، وكان انعكاس الأزمة على المملكة العربية السعودية خلال السنوات (1348-1353هـ/ 1929-1934م) خطيراً، وتمثل في مظاهر متعددة كان من أبرزها: الجانب المالي، الذي وصل إلى حد الإفلاس، إذ أثرت الأزمة العالمية على دخلي الدولة: الحج والعائدات الجمركية، فأعداد الحجاج أخذت بالتناقص، وطالت الأزمة حركة التجارة، وكلا الأمرين انعكس على العائدات الجمركية، وكان الإفلاس المالي قد ظهـر في مؤشرات تمثلت فـي تدني ســعر صرف الريال، والعجز عـن تسديد الديـون الخارجـيـة والداخـلية، وعـدم القدرة على دفع رواتـب الموظـفين المتأخرة عـدة أشهر في ظـل شُـحِّ الموارد؛ خاصة مع نقـص عدد الحجاج وانكماش حجـم الأمـوال التي يأتون بها، وموضوع الأزمة العالمية وانعكاساتها على المملكة بين أشد المراحل التي مرت بها الدولة حرجاً، وبين معها صلابة الملك عبدالعزيز في أحلك الظروف وقدرته على التعامل الإيجابي عند حدوث الأزمات.
أما مشاركة الدكتورة مها علي آل خشيل عضو هيئة التدريس بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن فكانت تحت عنوان "الشركة الشرقية المحدودة ودورها الاقتصادي في المملكة العربية السعودية" حيث أعطت لمحة عن بداية الشركة، وأشارت إلى أن فترة تأسيس الشركة شهدت تطورات: سياسية، واقتصادية كثيرة، واجهتها المملكة في تلك الفترة، وتزامن تأسيسها مع الجهود الحثيثة التي كان يبذلها الملك عبدالعزيز لتحديث البلاد وتعزيز اقتصادها، وازدهر نشاط الشركة التجاري، وحصلت على وكالة مصانع فورد للسيارات، واستوردت الأجهزة الحديثة المختلفة من خارج المملكة.
وأبرز الباحث د. صالح حبيب الله (QI XUE YI) الأستاذ المشارك بجامعة شمال غرب الصين "جهود الملك عبدالعزيز آل سعود في النهضة بالتعليم"، فبين أن الملك عبدالعزيز قد أعطى الجانب التعليمي أعظم اهتمامه، إيماناً منه بأن نهضة البلاد وتقدمها لا يكون إلا عن طريق التعلم، ونقل عنه قوله: احرص على تعلم العلم، لأن الناس ليسوا بشيء إلا بالله ثم العلم ومعرفة العقيدة. وأشار إلى أن الملك اهتم أشد الاهتمام بنشر العقيدة السلفية الصحيحة والعلوم الشرعية والدنيوية النافعة، وحرص على ذلك أشد الحرص، لعلمه أن الجهل بالشريعة هو الذي يوقع في البدع والمعاصي ومخالفة أحكام الدين، بما يؤدي في نهاية الأمر إلى القلاقل والاضطراب والفساد والانحراف.
وبين الدكتور صالح حبيبي الله أن جهوده في النهضة بالتعليم تمثلت في ناحيتين أساسيتين أولاهما الاهتمام بالتعليم، وذلك بدعم الكتاتيب القائمة وتوسيعه وإنشاء "نظام الهجر"، وكذلك إنشاء التعليم النظامي أو التعليم الحديث.
كما أشار إلى أن من مظاهر اهتمام الملك عبدالعزيز بالتعليم أيضا طباعة عدد كبير من كتب التراث المخطوطة ونشرها بين الناس على نفقته الخاصة، وكذلك احترام العلماء وتقديرهم، وثانيتهما إنشاء المكتبات وتطويرها وكان الملك عبدالعزيز يهتم بالمكتبات ويسعى إلى تطويرها، لإيجاد الفرص لكل من يرغب في الاستزادة من العلم وتحصيل المعرفة، حتى قيل إن مكتبته الخاصة لم تكن لتفارقه حتى في الأيام الحالكة والظروف الصعبة، مما يوحي بأن الجانب الفكري عنده كان دوماً يتزامن مع الجانب العسكري والسياسي.
وذكر الباحث أن عهد الملك عبدالعزيز شهد إنشاء المكتبات بمختلف أنواعها في المملكة، الأمر الذي أسهم في دعم حركة الكتاب ونشر العلم وتداول المعرفة في هذا البلد منذ زمن مبكر. ولم يكتف عهد الملك عبدالعزيز بتأسيس المكتبات فحسب، بل يهتم بتطوير المكتبات الموجودة قبل عهده، وكان اهتمام الملك عبدالعزيز بالتعليم وعنايته بالمكتبات يتمثل في عناية الدولة بالعلم وإحياء التراث الديني وتنشيط التعليم ودعم أصحاب العلم من المعلمين والكتاب وطباعة الكتب.
وفي الجلسة الثامنة التي قدمت البحوث والأوراق فيها في محور (التحولات: الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية) ورئسها وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات العليا والبحث العلمي الأستاذ الدكتور فهد بن عبدالعزيز العسكر قدم أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة سوهاج في جمهورية مصر العربية الأستاذ الدكتور حسن محمد نور عبدالنور ورقة "الأسواق التجارية في عهد الملك عبدالعزيز" وأشار إلى أن الأسواق التجارية ازدهرت في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود (1319 – 1373هـ / 1902 – 1953م) بسبب مجموعة من المقومات والعوامل المتمثلة في: استتباب الأمن الداخلي، وعلاقات المملكة الطيبة مع العالم الخارجي، فضلاً عن العامل الاقتصادي بظهور النفط، والإصلاح الاقتصادي، وتوطين البدو، وعدم التوسع في فرض رسوم على الرعية، والعناية الكبيرة بتطوير وسائل المواصلات والبنية التحتية والخدمية للمواطنين والوافدين للحج والعمرة والعمل، وأخيراً الإصلاح النقدي: بضرب عملات جديدة، وإلغاء العملات: الأوربية، والمصرية، والهندية، والعثمانية التي كانت متداولة بالأسواق قبل الإصلاح النقدي.
وحول ما يتعلق بـ "جهود الملك عبدالعزيز لتنظيم الأوضاع بمكة المكرمة" تحدثت الدكتورة أحلام أبو قايد من جامعة أم القرى عن: جهود الملك عبدالعزيز لتنظيم الأوضاع بمكة المكرمة والتغيرات السياسية بعد دخول الملك عبدالعزيز إلى مكة، ومدى تقبل سكان مكة للحكومة الجديدة، كما تطرقت بالحديث حول التطورات التي شهدتها مكة بعد ضمها وهي التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، والنقلة الحضارية والثقافية، مقارنة بين ما كانت عليه مكة وما وصلت إليه بعد ضمها إلى مناطق المملكة.
وتحدثت الأستاذة تغريد الحكمي في ورقتها "عناية الملك عبدالعزيز بالمرأة في ضوء الشريعة الإسلامية" عن جوانب اهتمامه بالمرأة ودعت إلى أهمية الاعتناء بالتتبع والتدوين لواقع المرأة في تلك الحقبة الزمنية من جميع الجوانب سواءً التعليمية أو الاجتماعية أو غيرها، كما دعت إلى ضرورة إعداد دراسة تعنى بتحليل خطابات, وكلمات, وأحاديث, ومذكرات الملك عبدالعزيز – رحمه الله - سواءً من الناحية السياسية, أو الدعوية, أو الاجتماعية مع العناية بما يخص المرأة فيها.
أما الدكتورة عزة شاهين من جامعة طيبة فقد كانت ورقتها "القصور التاريخية في جدة ودورها في عهد الملك عبدالعزيز" وتحدثت عن بيت نصيف التاريخي المعروف حالياً بمتحف الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، والقصر الأخضر وقصر خزام المعروف بالمتحف الإقليمي بجدة الآن، وتناولت بذلك الموقع والوصف العام للقصور التاريخية والوضع الحالي لها الآن.
ومن جامعة حائل تحدث الدكتور خالد حسين محمود عن "معطيات حول وقف الكتب بمدينة حائل في عهد الملك عبدالعزيز من خلال نصوص الوقفيات" واستعرض حركة وقف الكتب التي عرفتها مدينة حائل خلال عهد الملك عبدالعزيز، والذي كان لجهوده العلمية والفكرية دور كبير في انتعاش الحياة العلمية والفكرية بها، مما هيأ مناخاً مناسباً لرواج الكتب في شتى أنواع المعارف، وأوجدت لدى طلاب العلم والباحثين رغبة ملحة في الحصول عليها، مما دفع أهل الخير والإحسان إلى جعل تلك الكتب متاحة أمام طلاب العلم من خلال الوقف.
وفي ذات المحور عقدت الجلسة التاسعة حيث ترأسها سعادة الأستاذ الدكتور حمود بن محمد النجيدي والتي تحدث خلالها عميد تاريخ العلوم العربية والإسلامية الدكتور سعد بن سعيد القرني بحثاً بعنوان "الإعلام البترولي في المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالعزيز: دراسة تاريخية" حيث تحدث عن أهمية البترول وكيف شكل نقطة تحول مهمة في تاريخ المملكة العربية السعودية الاقتصادي الحديث، لما لهذا التحول من أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية، ثم تطرق إلى أهمية الإعلام البترولي، وكيف لعب دوراً كبيراً في توجيه الرأي العام من خلال تسليط الأضواء على أهمية العوائد البترولية للمملكة من جهة، وأهمية دور المملكة في استتباب الاستقرار للأسواق البترولية العالمية من جهة أخرى.
وتناول البحث الإعلام البترولي في المملكة في عهد الملك عبدالعزيز، وبالخصوص الجذور البترولية، ومفهوم الإعلام البترولي، وما يرتبط بها من مؤثرات ونتائج.
كما تحدث في ذات الجلسة الأستاذ حسين يونس وقدم بحثاً بعنوان "عناية الملك عبدالعزيز بالحسبة" حيث تحدث عن مفهومها ومشروعيتها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وعناية الملك عبدالعزيز بأمور الحسبة والدعوة والدعاة، وعنايته التامة بشؤون الحسبة في الحجاز، حيث بعث المحتسبين والدعاة والمرشدين، وجهوده الجبارة في إحياء مكانة العلماء.
كما قدم الأستاذ جبران بن سلمان سحاري ورقة "الأدب والإعلام والاتصال في عهد الملك عبدالعزيز" حيث تناول التعريف بالوحدة الوطنية، وعرض نماذج من عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- تؤكد اهتمامه بالمجال الأدبي والإعلامي والاتصالي بوضوح، واهتمامه بالجانب الأدبي لترسيخ الوحدة الوطنية، وتكريم الأدباء والشعراء مع اهتمامه بنقد الشعر وتقويمه وطباعته ونشره، وعرض بعض الأنماط الاتصالية في عهد الملك عبدالعزيز وتطورها بعده، كما استعرض أهم سمات وخصائص الخطاب الإعلامي الداعم للوحدة الوطنية، ثم ذكر دور الملك عبدالعزيز في الاهتمام بمجال الخطاب الإعلامي الذي يسعى لتحقيق ودعم الوحدة الوطنية مع عرض بعض النصوص في ذلك. وبيان علاقة الأدب والإعلام بقضايا وموضوعات الوحدة الوطنية.