تواصل جلسات مؤتمر أُثر تطبيق الشريعة في تحقيق الأمن خلال الفترة المسائية

​تواصلت جلسات مؤتمر أثر تطبيق الشريعة في تحقيق الأمن، الذي انطلقت فعالياته صباح اليوم في فندق الانتركونتيننتال الأحساء تحت رعاية سمو أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف، وافتتحه مدير جامعة الإمام بالنيابة الدكتور فوزان بن عبدالرحمن الفوزان. أولى جلسات الفترة المسائية، الجلسة الثالثة التي ترأسها وكيل الجامعة الدكتور عبدالله بن محمد أبا الخيل وشارك فيها عدد من الباحثين، كانت أولى المشاركات للدكتور محمد سعيد أبو الرٌب من قسم الثقافة الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك سعود ، تحدث فيها عن الإرهاب الإلكتروني - صوره ووسائله وأثره على الأمن المجتمعي، واستعرض الباحث تعريف الإرهاب الإلكتروني و خطره على المجتمع و طرق الوقاية منه، و تطرق إلى كيفية استغلال أصحاب الفكر المنحرف للتقنيات الحديثة مثل مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من التقنيات لنشر أفكارهم ومحاولة تجنيد الشباب والتغرير بهم لاستقطابهم والاستفادة منهم في نشر هذا الفكر والدفاع عنه. كما بين البحث بعض الجهود المبذولة لمواجهة هذا الفكر الضال المنحرف، وكيفية الوقاية أو حماية المجتمع من هذا الإرهاب وبين أن الجهود المبذولة في هذا المجال ما زالت قليلة وبحاجة إلى مضاعفة الجهد لمقاومة هذا الإرهاب. كما تطرق البحث إلى بعض أنواع الجرائم والاعتداءات الإلكترونية وضررها على أمن الأفراد و المجتمعات وكيفية مواجهتها و علاجها أو الوقاية منها.  وخلص البحث إلى التوصيات التالية: مراقبة المواقع التي يدخلها الأبناء و تفقد قوائم أصدقائهم في مواقع التواصل الاجتماعي، حجب المواقع المعروفة بالفكر الضال المنحرف عن طريق برامج مثل القائمة البيضاء والقائمة السوداء، الجلوس مع الأبناء باستمرار و التحدث لهم عن خطورة المواقع التي تروج لهذا الفكر الضال ومدى خطورتها على المجتمع والدولة، وتشكيل لجنة لمتابعة مواقع الإنترنت التي تبث هذا الفكر و العمل على حجبها وإغلاقها، دعم مواقع مضادة لهذا الفكر تنشر العقيدة الصحيحة و تفند الشبهات المبثوثة في مواقع التكفيريين، مراقبة المؤسسات التعليمية باستمرار للتأكد من سلامة المناهج و كذلك أعضاء هيئة التدريس من هذا الفكر.

بدورها بينت الأستاذ الدكتور لؤلؤة بنت عبدالكريم القويفلي في بحثها المقدم بعنوان: نظام العقوبات في الإسلام وأثره في تحقيق الأمن الشامل أن من رحمة الله عز وجل بعباده أن أمر بحفظ الضرورات الخمس التي لا تستقيم الحياة بدونها ، وهي: الدين، والنفس ، والنسل، والعقل، والمال، فشرع العقوبات المانعة من الاعتداء على هذه المقومات، وأحكم سبحانه وتعالى  الحدود، وشرع القصاص وبيَّن وجوه الزجر الرادعة عن المساس بها ، بأن حد بشرائطه ، وفرض الديات ، ووضع الجنايات التعزيرية لضمان مصالح المجتمع، ومنع مجاوزة ما يستحقه الجاني من عقوبة لتحقيق مقاصد الشارع الحكيم، من عصمة الدماء والأعراض والأموال ، ولردع النفوس الشريرة عن  الظلم الذي جبلت عليه. مضيفةً أن نظام العقوبات في الإسلام حلقة من حلقات النظم الإسلامية الشاملة المتكاملة ذات الصلة ببعضها البعض، التي لها أثر في تحقيق الأمن الشامل تسلكه في حياتها الدنيا ؛ لتصل به إلى خير الدنيا والآخرة ؛ وتستطيع أن تؤدي رسالتها على الوجه الأتم. مشيرةً إلى أن على الدولة مسؤولية حراسة الدين وسياسة الدنيا، ويقع على ولي الأمر ممثلاً وذلك يستدعي منها ضبط الناس بالاستقامة على الأحكام واحترامها وعدم مخالفتها، وضبط ما يقع من جرائم ، والتحقيق فيها ومحاكمة مقترفيها، لزجر الناس عن المحظورات الشرعية، وحماية مصالح المجتمع وأهدافه العليا، لأن الناس ليسوا سواء في يقظة إيمانهم، وإحساسهم بالمسؤولية والوقوف عند حدود الله، فقد يعتدي بعضهم على حقوق الآخرين، فكان لابد من الجزاء على هذا الاعتداء.

أستاذ قسم العقيدة والمذاهب الفكرية بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية أ.د . عبدالقادر بن محمد عطا صوفي تحدث عن أثر مؤسسات المجتمع في حفظ الأمن، والقضايا التي ينبغي الاعتناء بها ومن أهمها الأمن، والمحافظة عليه، والأمن الفكريّ، لما له من دور في درء الفتن في أوقات الفتن والقلاقل.

أما أستاذ الدراسات القرآنية بقسم الدراسات الإسلامية في كلية الآداب بجامعة الملك فيصل بالأحساء هدى بنت دليجان عبدالله الدليجان فقد تحدثت عن أثر التشريعات المتعلقة بالمرأة السعودية في تحقيق الأمن، وقالت إن من خصائص الرسالة الخاتمة عنايتها بالإنسان واحتياجاته، ورتبت الأحكام الشرعية بحسب الضرورات الخمس التي تحفظ على الإنسان دينه ونفسه ودمه وعرضه وماله ، فقد أكمل الله جل جلاله الإسلام ديناً وارتضاه للبشرية إلى قيام الساعة، قال تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي . ورضيت لكم الإسلام ديناً} وامتداداً لهذه المكانة الكريمة للإنسان والعناية به، كانت العناية بالمرأة المسلمة، فقد كلفها الله تعالى بتكاليف خاصة مناسبة لأنوثتها حفاظاً على فطرتها، وجعل الأمن الحقيقي في تطبيق العبودية الحقة لله وحده ، قال تعالى { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} فقد أمر المولى الكريم في كتابه العزيز بوضع حدود للأنظمة في المجتمع لضمان سلامة أفراده، وتوفير كرامتهم، وتحقيق الأمان لهم . وقد رفعت هذه البلاد الكريمة لواء تطبيق الشريعة الإسلامية لتحقيق الأمن في المجتمع، والحفاظ على أفراده، وتهيئة مطالب الحياة الكريمة للمرأة السعودية لتنعم بالأمن والأمان. فالسبيل الوحيد لينال المجتمع الأمن هو في اتباع أحكام الشريعة الإسلامية، وهو ما قامت عليه هذه البلاد المباركة من استنباط التشريعات والأنظمة من الكتاب والسنة.

فيما تناول رئيس وحدة البرامج المتخصصة للمكاتب التعاونية بالمملكة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أ.صالح بن خليفة الكليب دور المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية في تحقيق الأمن، مؤكداً أن المتأمل في نصوص الكتاب العزيز والسنة النبوية يجد أن الكثير منها يحض على مطلب الأمن، فقد جاء تقريره في نصوص عدة وكذلك امتن الله على عباده بنعمة الأمن وربطها بالإيمان به وحفظ حدوده والعمل بشرعه، من هذا المنطلق يجب علينا البحث عما يشوب الأمن وتحذير الناس منه وبيان السبل والطرائق التي تساعد على الحد منه، وبين د.الكليب ما للشريعة الإسلامية من دور عظيم وأثر كبير في تحقيق الأمن، كما استعرض دور المكاتب التعاونية بوصفها حصناً من حصون الأمة أمام هذا العدو اللدود، مبيناً أن ما تتعرض له بلادنا من تحديات يحتم على كل صاحب فكر ثاقب ورؤية سديدة القيام بدوره بكل الوسائل المشروعة والمتاحة في مواجهة هذه التحديات والظروف، في محاولة لإيجاد الأفكار والفرص الجديدة والملائمة لهذه التحديات، وكذلك سد الثغرات لمواجهة ما تمر به بلادنا. ولا شك أن للمكاتب التعاونية دوراً عظيماً في التوعية المجتمعية، شأنها شأن كل مؤسسة داخل هذا الوطن الحبيب، حيث إن هذه المؤسسات تعتبر بمثابة حائط الصد والمقاومة الأول للمواطنين ضد الهجمات الفكرية والأفكار الهدامة والانحرافات السلوكية والأخلاقية الداعية للغلو والتطرف؛ الذي يؤدي بدوره نحو سلوك مسلك الإرهاب بكل أنواعه.

وفي الجلسة الرابعة التي ترأسها فضيلة الدكتور واصل بن داود المذن, والتي شارك فيها عدد من المتحدثين, حيث تناول الشيخ عادل بن عبدالرحمن المعاودة, في بحثه حول ( الانحراف العقدي ودوره في زعزعة الأمة – إشكالية النص) علاقة السلوك الخاطئ للفرد والجماعة بقراءة النص الشرعي، وعلاج ذلك الانحراف. وناقش في بحثه الانحراف الذي تعاني منه الأمة اليوم، والذي كان سبباً في استباحة دماء وأعراض وأموال المسلمين. وأشار إلى المنهج المعتمد في الدراسات الأكاديمية. وأبان مفهوم إشكالية النص وأنواعه، وأثره في ظهور الفرق العقدية المنحرفة. وفي المبحث الأول : ناقش إشكالية النص في الثبوت وأثرها في الانحراف العقدي وزعزعة الأمن. وفي المبحث الثاني: ناقش إشكالية النص في الدلالة وأثر الجهل بعلوم الشريعة ومقاصدها في الانحراف العقدي. وفي المبحث الثالث: ناقش حبس النص في الفهم وتحوله إلى نص يتحاكم إليه. وفي المبحث الرابع: كان العلاج والوقاية من إشكالية النص، وأثر ذلك في تحقيق الأمن والاستقرار، وفي الختام وصل إلى النتائج، منها: الأمن الفكري أساس للمجتمع من الانحراف. وإن إشكالية النص تتبع لعقيدة القارئ، فتصحيح المفاهيم في الأذهان ينتج أمناً فكرياً. ثم أجملت بعض التوصيات: وهي التكثيف في مجال دراسة العقيدة في المؤسسات التعليمية، والعمل على المؤتمرات للتعريف بالعقيدة الصحيحة، مع متابعة الشباب المسلم، وتنشئته على العقيدة الصحيحة، إضافة إلى وجوب محاربة الانحراف بكل الوسائل المتاحة.

تلا ذلك مشاركة الأستاذ الدكتور عبدالسلام بن سالم السحيمي, أستاذ الفقه بالدارسات العليا بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة, حيث قدم بحثه المعنون: ( العقوبات الشرعية وأثرها في تحقيق الأمن)

واشتمل البحث على مقدمة تبين كمال الشريعة وأنها جاءت لتحقيق مصالح  وحفظ الضروريات الخمس وأن الله قد استخلف العباد في المعاش والمعاد, وشرع لهم الشرائع ليقوموا بها ولا يتم البناء الديني والدنيوي إلا بوجود الأمن والاستقرار من أجل ذلك شرعت العقوبات الشرعية، كما اشتمل البحث على المقاصد الشرعية المتعلقة بالعقوبات وأثرها في حفظ الأمن، وعلى بيان تفوق الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالعقوبات على غيرها من النظم، وأثر العقوبات الشرعية في تحقيق الأمن.

تلا ذلك مشاركة الأستاذ العقيد الدكتور نافل بن غازي العتيبي, ببحث عنوانه (آليات تطبيق الشريعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية في مواجهة جريمة الاتجار بالأشخاص وعلاقتها بحفظ الأمن) بين فيه أن الاتجار بالأشخاص من الممارسات غير المقبولة والممنوعة والمحرمة في ظل التشريعات والأنظمة التي تقرها المملكة العربية السعودية والشريعة الإسلامية؛ وذلك لتنافيها مع المبادئ والقيم الإنسانية الإسلامية؛ وتحرم كل ما يمس كرامة الإنسان؛ كما أنها تمنع بأي شكل من الأشكال التلاعب بالبشر أو المساس بكرامتهم؛ وهو ما يتماشى مع الأعراف الدولية السائدة. والشريعة الإسلامية نظمت العلاقة بين البشر منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة واستطاعت تدريجياً أن تمحو من الواقع قاعدة السيد والخادم والتي كانت عرفاً دولياً وما بين مالك حر تحركه الأهواء وتغريه المطامع؛ وخادم مطيع كل هدفه في هذه الحياة الأكل والمأوى. وأضاف أن المملكة العربية السعودية أولت اهتماماً كبيراً للمحافظة على حقوق الإنسان أياً كانت ؛ وأصدرت لذلك الأنظمة التي تحمي هذا الحق الإنساني . ومن هذه الأنظمة والتشريعات نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص، ومجموعة من الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان ومن ضمنها بروتوكول الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة الاتجار بالبشر خاصة النساء والأطفال. وتحدث في هذه الورقة عن آليات تطبيق الشريعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية في مواجهة الاتجار بالأشخاص وعلاقتها بحفظ الأمن. وفي المبحث الأول تحدث عن الوصايا التي أوصى بها سيد الخلق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، لحماية المستضعفين، وفي المبحث الثاني تطرق لدلائل تحريم الشريعة الإسلامية لأفعال الاتجار بالأشخاص وأشكالها، والمبحث الثالث أشار إلى الأضرار الناجمة عن الاتجار بالأشخاص . وأخيراً أثر تطبيق الأحكام الشرعية والأنظمة في المملكة العربية السعودية في مواجهة جريمة الاتجار بالأشخاص.

عقب ذلك قدم الدكتور سليمان بن محمد السدلان, أستاذ مشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .  بحثاً بعنوان ( براءة المنهج السلفي من الإرهاب) أظهر فيه ما تميز به المنهج السلفي من حفظ وحدة المجتمع وسلامته وتفنيد ما ينسب إليه زوراً وبهتاناً من الغلو والتطرف، وبين ضمن نتائج بحثه: أن المنهج السلفي متحرر وظاهر ولا يمكن أن يختلط بغيره من المناهج المخالفة، وأن تطبيق المنهج السلفي بالسمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف واعتزال الفتن ووأد مسبباتها والبعد عن الغلو في تكفير المخالف وتعظيم حرمة الدم والمال المعصوم.

تلا ذلك بحث قدمه الدكتور سعود بن ملوح العنزي, أستاذ مساعد في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الحدود الشمالية بعنوان (أثر العبادة في حفظ الأمن) تحدث خلاله عن أثر عبادات الصلاة والزكاة والصوم والحج في حفظ الأمن، ومما جاء في أثر الصلاة: أن لها أثراً كبيراً على جوارح العبد، وكذا الأثر النفسي، وبالتالي إصلاح الجانب السلوكي والأخلاقي والمساهمة في بناء لنظام الشخصية المسلمة واستقرارها، بالإضافة إلى ما تورثه الصلاة من حب وذلك ظاهر في كل جزئية من جزئياتها. كما أن للصلاة عنايتها وأثرها على الطهارة الحسية والمعنوية، ثم انتقل للحديث عن أثر الزكاة في حفظ الأمن، ويظهر ذلك في المشاركة الاجتماعية من صاحب المال تجاه مجتمعه، كما أن لعبادة الصوم أثرها في إصلاح النفس البشرية من صفات الشح والبخل والأنانية. ثم ختم البحث ببيان أثر عبادة الحج في حفظ الأمن، من خلال ما يظهر فيه صور التلاحم والتراحم والانتماء لأمة واحدة.

وبدورها بينت الدكتورة نادية بنت إبراهيم النفيسة أستاذ علوم القرآن المساعد في كلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية دور تحقيق الأمن والأمان في ضوء القرآن الكريم وبيان مفهومه القرآني جاء ذلك في بحث قدمته بعنوان ( تحقيق الأمن في القرآن)  كما بينت أن الأمن أعم وأشمل، فالأمن لفظ يحوي من المشتقات ما يقصده كل عاقل فالأمن يعني الصدق ويعني الأمانة والطمأنينة والسكينة، وغير ذلك . وأضافت أن أهم المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في تحديد مفهوم الأمن هو القرآن الكريم وما تضمن من آيات تحمل هذا المعنى العميق.

وفي الجلسة الخامسة التي ترأسها وكيل الجامعة لشؤون الطالبات الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الهليل، وشارك فيها عدد من المتحدثين، منهم معالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد سابقاَ الذي شارك ببحثٍ بعنوان (أثر العقيدة في تحقيق الأمن الشامل - واقع المملكة العربية السعودية أنموذجاً) بين فيه الدكتور أبا الخيل أن الأمة تعاني الكثير من المشاكل، منها ظهور آراء تحرض على الفساد وتعين على الإفساد في الأرض، ثم تتطور الأحوال إلى أن يشيع بين الناس التخريب والتخويف والإرهاب، حتى وصل الحال إلى أن يكفر الشاب الجاهل البعيد عن حقيقة الدين أهل بيته وأهل بلده والأمة بأسرها، ويبني على ذلك عظائم وجرائم يستحلها، مثال ذلك قتل المعصومين ، وانتهاك الحرمات ، كل ذلك يظهر بجلاء حاجة الناس إلى العودة إلى المنبع الصافي والمنهج القويم، إلى العقيدة الإسلامية الصافية النقية التي هي أساس العصمة من الفتن، وسبب لكل نجاة وسلامة، وهي مرتكز كل عمل يواجه هذه الأفكار المنحرفة، والمبادئ الضالة المضلة، وكل فهم سقيم خارج عن إطار العقيدة السليمة ومنهج السلف الصالح المبني على الاعتماد على الكتاب والسنة، وتعظيم نصوصهما، والاعتصام بهما، وعدم التحريف أو التأويل الذي يخرجهما عن مراد الله أو مراد رسوله صلى الله عليه وسلم.

واستعرض الدكتور سليمان أبا الخيل تاريخ المملكة العربية السعودية الحافل بالإنجازات منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، مروراً بعهود الرخاء والازدهار في كنف أبنائه الملوك من بعده، الذين ساروا على نهج المؤسس المستمد من شريعة الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.

ثاني المتحدثين في هذه الجلسة الأستاذ الدكتور سعود بن عبدالعزيز الخلف، الذي قدم بحثاً عنوانه: الانحراف العقدي ودوره في زعزعة الأمن، حيث أكد أن من أخطر الاختلاف، هو الاختلاف الديني؛ فهو من أكبر أسباب وجود العداوة بين الناس والتناحر؛ فإذا وقع ذلك بين أفراد الأمة انعدم أمنها وفقدت أهم مقومات هناءة العيش كما تفقد أعظم أسباب السعادة والتقدم والرقي فتقع فريسة الفعل وردة الفعل، وقد يتطور الأمر إلى الاقتتال والتنازع وتدخل الأعداء فتفقد الأمة اتزانها وتتهاوى في مستنقع الهرج الذي ليس فيه غالب ولا مغلوب - نسأل الله المعافاة.

وفي بحث عنوانه: مصادر تلقي العقيدة ودلالاتها على الجماعة وأثرها في تحقيق الأمن تحدث الدكتور محمد بن عوض الشهري من جامعة الإمام عن مفهوم الأمن الشامل، الذي يحصل بعد توفيق الله ثم بتمسك الأمة بالعقيدة الصافية، وبتحكيمها للشريعة ، وهذا النهج القويم الذي اتخذته بلادنا منهجاً تسير عليه في جميع شؤونها. ووجود "الأمن" واستتبابه مرهون بعوامل عدة يأتي في مقدمتها مسألة "الجماعة"، التي تتضمن وجود الإمامة، والإمامة تستلزم السمع والطاعة، وبالتالي تنتظم أمور الناس وينعمون بالأمن كثمرة للجماعة التي لزموها وحافظوا عليها. ونظراً لأهمية "الجماعة وأثرها في تحقيق "الأمن" جاءت النصوص الشرعية في التأكيد عليها بالترغيب فيها والدعوة للتمسك بها، والتحذير من ضدها وهو التفرق والاختلاف المؤدي إلى الخوف والاضطراب. وقد كان أهل السنة أسعد الناس حظاً في تحقيق "الأمن"، وأوفرهم نصيباً من أصول عقيدتهم في دلالة واضحة على أهمية "الجماعة" التي يعد لزومها أصل هذا الأمر، وما كان ذلك ليكون لولا سلامة "مصادرهم في تلقي العقيدة".

وتطرق الدكتور إبراهيم بن خالد المخلف لوسطية أهل السنة في حكم مرتكب الكبيرة ودوره في الأمن الفكري، حيث تحدث في ورقته العلمية عن حكم مرتكب الكبيرة. كما تناول الفرق بين قول الخوارج والمعتزلة والمرجئة وبين قول أهل السنة. مستعرضاً أبرز الفرق المخالفة في هذا المبحث.

وشارك الدكتور محمود بن عبدالهادي آل علي ببحثٍ عنوانه: الانحرافات العقدية وأُثرها في زعزعة الأمن وسبل الاحتساب عليها، وجاء في بحثه التالي: إن المتتبع لواقع الأمة الإسلامية في العصر الحاضر  يجد كثرة الانحرافات العقدية، والتي لها أسبابها وآثارها، التي يميزها من له أدنى معرفة بالعلم الشرعي والواقع المعاصر، وقد ساعد على انتشار الانحرافات العقدية وسائل عدة، أهمها: مخططات أعداء الإسلام عبر طرق متعددة، والتي منها: وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت في متناول الصغار والكبار ، وصار لأصحاب هذا الانحراف مواقع يدعون فيها الشباب إلى ضلالاتهم ، وينفثون سمومهم، ومما لا شك فيه أن وجود هذه الانحرافات تؤدي إلى زعزعة الأمن في المجتمعات ، إذ تحدث الفتن، وينعدم الانتماء إلى الدين والوطن، ويحدث الشقاق والخلاف، ويظهر الفكر المنحل، ويقابله الفكر الذي يعالج هذه الظاهرة بمنهج غير منضبط بضوابط الشرع.

وقدمت الدكتورة نجلاء بنت محمد علي إبراهيم بحث بعنوان: دور الجامعة في تعزيز الأمن الفكري للطلاب ـ استراتيجية مقترحة. واستهدف البحث التعرف على دور الجامعة في تعزيز الأمن الفكري لدى الطلاب، وسبل تفعيله - خلال عام دراسي كامل- تحت إشراف الجامعة وإدارتها، ولتحقيق هذا الهدف استخدمت الباحثة المنهج الوصفي التحليلي لمفهوم الأمن الفكري وإيضاح دور الجامعة لتعزيزه في نفوس الطلاب من خلال الأنشطة والفعاليات المختلفة، ومن ثم حمايتهم من الوقوع كفريسة للانحراف الفكري والتطرف السلوكي، ونظراً لما نعايشه الآن وما نشهده من صراعات وتطرف فكري، أصبح من الضروري وضع إستراتيجية اجتماعية متكاملة ، للمحافظة على عقول الشباب وتحصينهم ضد الأفكار الهدامة، وحمايتهم من الغزو الفكري وتحصينهم ثقافياً وفكرياً من خلال تزويدهم بصحيح المعلومات التي تعزز وعيهم الفكري حتى لا يصبحوا فريسة سهلة للفكر الإرهابي والمتطرف . وخلصت الدكتورة نجلاء لعدد من التوصيـات من أبرزها : ضرورة تفعيل دور الجامعات لتعزيز الأمن الفكري لدى طلابها لتحصين الشباب من الفكر المتطرف. - تمكين أعضاء هيئة التدريس من القيام بدورهم في توجيه الشباب نحو الأفكار السليمة والآمنة. - ضرورة الاهتمام بالأنشطة الطلابية التي تعزز الفكر الصحيح لدى الطلاب، وتشجيعهم بالمشاركة فيها. تمكين الطلاب من التفاعل مع قضاياهم الفكرية والاجتماعية، وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة المنهجية وغير المنهجية لتعزيز الأمن الفكري لديهم، تعزيز المناهج الدراسية بمهارات التحليل والتركيب والاستنتاج لتعزيز الأمن الفكري في نفوس الطلاب. ضرورة تحسين وتطوير المناهج بما يخدم الهدف المنشود. الحث على ضرورة الاستفادة من كبار العلماء والدعاة في تناول القضايا العقدية المعاصرة.​

التغطية الإعلامية