المدونات اللغوية بين الواقع والمأمول في محاضرة بمعهد تعليم اللغة العربية

​أمانة النشاط/ صحيفة مرآة الجامعة.

ضمن نشاطات وحدة البحوث العلمية في معهد تعليم اللغة العربية أقام الأستاذ الدكتور محمد يوسف حبلص أستاذ علم اللغة بمعهد تعليم اللغة العربية  محاضرة علمية بعنوان المدونات اللغوية بين الواقع والمأمول، وقد تناولت المحاضرة مفهوم المدونات اللغوية بدءا بالتفريق بين عدد من المصطلحات المتداخلة مع مصطلح المدونات مثل: المتون – والمكانز- والذخائر ، وبعد أن قام بالتمييز بينها، خص المدونات بوصفها مقابلا للمصطلح الغربي الحديث courps  وفيه المدونة "قطاع من المادة اللغوية تم جمعه مما يقوله المتحدثون السليقيون للغة المدروسة بغرض الوصف والتحليل"

ثم عرض الباحث بعد ذلك للمدونة اللغوية عند علماء العربية قديما من جانب ، وعرض لها في إطار اللسانيات الحديثة من جانب ثان ، وبان أن المدونة في تراثنا اللغوي كانت عملا يدويا يتم بجمع اللغة بضوابط خاصة بحيث تمثل مستوى واحدا فقط هو العربية الفصحى، في بيئات معينة، تمثلها قبائل بعينها، في فترة محددة ، على حين أن المدونة اللغوية الحديثة في إطار ما يعرف بلسانيات المدونات courps linguistics  مادة لغوية  يتم جمعها-غالبا- ومعالجتها آليا، ولا توجد  قيود للجمع سواء تعلق ذلك بالمستوى اللغوي أو البيئة، أو المدة الزمنية ، إلا قيود الغاية من المدونة،وإلا فإن كل ما يقوله المتحدثون السليقيون من الناطقين باللغة المدروسة  صالح للجمع والوصف والتحليل ، وإذا كانت الغاية هي إعداد مدونة شاملة يصبح من اللازم إلغاء أية قيود على المادة المجموعة التي تكون الغاية منها مجرد الوصف والتحليل.

وأشارت المحاضرة كذلك إلى أن مدونة العربية التي نتعلم قواعدها إلى اليوم تمثل لغة كانت مستعملة قبل 1250 سنة تقريبا، ومعاجمنا التي بين أيدينا تعتمد عليها ،وتكاد تتجاهل ما طرأ على العربية من تغيير عبر هذه القرون، وبخاصة العصر الحديث، والشكل المنطوق من العربية على وجه الخصوص ،وقد خلف هذا فجوة كبيرة بين ما يتعلمه الناس من لغة ممثلة لعربية التراث في قاعات الدرس من ناحية، وما يمارسونه من استعمالات لأشكال من العربية المعاصرة بكل تنوعاتها في واقع حياتهم من ناحية ثانية، وقد أصبحت هذه الفجوة جزءا من فجوة أكبر هي التعليم ، الذي يعد بدوره مسئولا عن الفجوة الرقمية التي تفصلنا عن العلم وصناعة المعرفة في العالم المعاصر.

وركزت المحاضرة الضوء على هذه الفجوة اللغوية التي تعاني منها العربية بين ماضيها وحاضرها، بالإشارة إلى أنها تنشطر إلى فجوات فرعية متعددة ومتشعبة - إلى : فجوة التنظير اللساني،وفجوة المعجم، وفجوة تعليم اللغة وتعلمها، وفجوة الاستخدام اللغوي.وضرب الباحث أمثلة لتأثير الفجوة اللغوية في كل جانب من هذه الجوانب ، وما ترتب على كل ذلك
من تخلفنا في صناعة المعرفة،تلك الكعكة التي تتنافس كل دول العالم المتقدمة للفوز بأكبر نصيب منها فيما نقف نحن العرب منها موقف اليتيم في مأدبة اللئام.

كذلك أشارت المحاضرة كذلك إلى حاجتنا الماسة إلى مدونة عربية تأسيسا على ما سبق شريطة أن تكون مدونة شاملة تغطي :
- كل مستويات اللغة وتنوعاتها ،وفي مقدمة ذلك المستوى الفصيح،
- وكل عصور العربية وبخاصة العصر الحديث، بحيث تمثل فكرنا وثقافة عصرنا وحضارته؛لنتمكن من التعامل مع العالم من حولنا.
- تعالج المدونة آليا؛ وتتحول إلى قاعدة بيانات للعربية ضخمة متجددة ،كتلك المتوفرة لدي غيرنا، وليس مجرد قوائم مفردات.
- أن يستفاد من تحليل هذه المادة في إعداد ما نعلمه لأبنائنا؛استناد إلى نسب الشيوع،وما يصح قياسه منها على نظام العربية الصحيحة.
- أن يستفاد منها في إعداد أنواع متعددة من المعاجم وفق أحدث ما في صناعة المعجم من مناهج وتقنيات، وفي مقدمة ذلك إخراج معجم تاريخي للعربية نفتقد إليه بشدة في البحث اللغوي وفي تعليم العربية لأبنائها، ولغير الناطقين بها.

وأشارت المحاضرة إلى أن المعالجة الآلية للعربية تقتضي وجود مدونة شاملة للغة العربية بالوصف السابق، وقد وعى علماؤنا العرب المحدثون هذا الأمر، ونبهوا إليه،سواء أكانوا علماء لغة، أم علماء حوسبة اللغة، أم مسئولين في عدد من البلدان العربية،وقد تصدت مؤسسات كثيرة، ومراكز بحوث،أو أقسام علمية بالجامعات لهذه المهمة ،بمبادرات فردية، أو بدعم حكومي ،في دخل العالم العربي أو خارجه ،وضرب الباحث أمثلة لكل ذلك ،وخص مشروع مكتبة الإسكندرية،ثم مشروع مدينة الملك عبد العزيز بالذكر،وأشاد بما أنجز، ثم أبدى بعض الملاحظات على هذه الجهود؛بغية تحقيق هذه المشاريع لما تهدف إليه.

وفي نهاية المحاضرة استمع المحاضر إلى أسئلة الحضور ومداخلاتهم وتعليقاتهم.

تاريخ بدء الفعالية 18/08/1435
تاريخ إنتهاء الفعالية 18/08/1435 11:00 ص
مكان الإنعقاد: معهد تعليم اللغة العربية
تصنيف الفعالية:  
رابط موقع الفعالية:  
دور الجامعه:  
التقييم: