في الجلسة الثالثة للمؤتمر الدولي للقضاء والتحكيم مجالات القضاء والتحكيم في الشريعة والقانون

 

تواصلت مساء اليوم الأحد فعاليات المؤتمر الدولي للقضاء والتحكيم  والذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية  ممثله في المعهد العالي للقضاء خلال الفترة من 28-1436/12/29هـ. 

تناولت الجلسة الثالثة والتي ترأسها وكيل الجامعة للشؤون التعليمية (مجالات القضاء والتحكيم في الشريعة والقانون) تناول فيها الدكتور عارف بن صالح العلي من المعهد العالي للقضاء "جهات القضاء التجاري السعودي  اختصاصاتها ومآلها" وأوضح الباحث أن البحث يهدف إلى دراسة جهات القضاء التجاري في المملكة من حيث   اختصاصاتها ومآلاتها، بحيث يكون هذا البحث مرجعاً يستفيد منه كل ذي شأن سواء أكان قاضياً أو محامياً أو باحثاً أو غيرهم.

وأما حدود البحث فهي دراسة الدوائر واللجان القضائية التي تختص بنظر الدعاوى المتعلقة بعمل تجاري، وتكون أحكامها باتة غير قابلة للتظلم أمام ديوان المظالم، وأما اللجان الإدارية التي تنظر في المنازعات الناشئة عن أنظمة إدارية لها صلة بالتجارة  وتُصدر قرارات إدارية قابلة للتظلم أمام جهة قضائية أخرى فهي خارجة عن هذا البحث؛ لأن قراراتها في الواقع تعد قرارات إدارية لا أحكاماً قضائية، ومن أمثلة هذه اللجان لجنة النظر في مخالفات نظام المنافسة،  ولجنة النظر في مخالفات نظـام  السجل.

 وبين الباحث أن جهات القضاء التجاري تختص بالنظر في المنازعات  التجارية، وأبرز هذه المنازعات: المنازعات الناشئة عن الأعمال التجارية، وأما المنازعات الناشئة عن الأعمال المدنية فتختص بنظرها المحاكم العامة، ويبرر لإفراد المنازعات التجارية بقضاء مستقل عن القضاء العام (المدني) بأن البيئة التجارية فَرضت قواعد تجارية يراعيها القضاء التجاري، وتهدف هذه القواعد إلى تحقيق السرعة  ودعم الائتمان بين أطراف العمل التجاري وذلك بتعزيز الثقة بينهم عند المعاوضة أو الإقراض بالآجل، ومن أمثلة هذه القواعد:تطبيق أحكام الإفلاس التجاري، والتشدد في منح المهلة القضائية.

وأضاف أنه باستقلال القضاء التجاري  عن القضاء العام تتحقق  فائدة كبرى تتمثل في  أن الأنظمة التجارية شائكة ومتشعبة، وتحتاج إلى قضاة متخصصين يركزون خبرتهم في  الفصل في الدعاوى الناشئة عن هذه الأنظمة التجارية تحديداً ،وهذا مؤد إلى سرعة البت في الدعوى التجارية، إذ إن تكرار نظر القاضي لنوعية محددة من الدعاوى يجعل أصول هذه الدعاوى ومظانها وسوابقها وحيثيات الأحكام حاضرة في ذهنه فلا يحتاج إلى مراجعة ذلك عند كل دعوى.

وأشار إلى تتنوع جهات القضاء التجاري في المملكة حالياً بين الدوائر التجارية في ديوان المظالم والتي سينتقل اختصاصها إلى المحاكم التجارية المزمع افتتاحها، وبين اللجان القضائية ذات الاختصاص التجاري، وهذه اللجان تتفاوت مآلات بقائها أو انتقالها إلى المحاكم التجارية.

كما بين الباحث أن لجنة تسوية المنازعات المصرفية تختص بالفصل في المنازعات المصرفية وبموجب آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء الجديد، فإن انتقال اختصاص هذه اللجنة إلى المحاكم الجديدة مرهون بدراسة وضعها من قبل المجلس الأعلى للقضاء ، وبما أن هذه اللجنة تختص بالنظر في عمل تجاري وهو أعمال البنوك فإن الأصل انتقال اختصاصها إلى المحاكم التجارية، كما تعد لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية أحد اللجان التي سيتأخر انتقال اختصاصها إلى محاكم القضاء العام إلى حين دراسة وضعها من قبل المجلس الأعلى للقضاء، وهذا الانتقال محل إشكال كبير نظراً لتعدد اختصاصات اللجنة والأجدر في نظري هو إنشاء محكمة مختصة بمنازعات الأوراق المالية تكون تحت ولاية القضاء العام بحيث تضاف للمحاكم المتخصصة التي قررها نظام القضاء الجديد، وينتقل إليها كافة اختصاصات اللجنة باستثناء اختصاصها الإداري فيؤول لديوان المظالم.  

بعد ذلك شارك الدكتور إبراهيم صبري الأرناؤوط أستاذ القانون التجاري في جامعة المجمعة ببحث بعنوان "وسائل تسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية" بين فيه أن المحور الأساسي لهذا البحث يتعلق بالوسائل القانونية لتسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية ، المعروفة باسم ( عقود الفيديك ) وهي نماذج لعقود خاصة تتعلق بالبناء والتشييد ، يمكن استخدامها محلياً ودولياً تتضمن بين بنودها وسائل تسوية منازعاتها ، من ذلك النماذج التي وضعها الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين ( الفيديك) للعديد من العقود التي تستخدم في تنظيم مختلف أعمال البناء والتشييد ، كأعمال الهندسة المدنية وأعمال المقاولات والأعمال الميكانيكية والكهربائية وأعمال التصميم وتسليم المفتاح .

وأوضح الباحث أن عقود الفيديك من العقود الحديثة نسبياً ، وهي تشكل مصدراً أساسياً من المراجع الدولية في مجال البناء والتشييد ، وقد وضعت هذه العقود لتتواءم مع المخاطر التي تتعرض لها المشاريع الإنشائية الضخمة، وهي تتميز عن غيرها من العقود بإيجاد الحلول للمشكلات القانونية المستحدثة ووسائل تسوية المنازعات التي قد تنشأ بين الأطراف المختلفة ، وذلك بسبب الطبيعة التقنية لهذه العقود وما تستغرقه من فترة زمنية طويلة للتنفيذ ، والتكلفة المالية العالية التي ترتبط بها هذه العقود ، ووجود أطراف دولية متعددة تختلف في أنظمتها القانونية ، كما تتميز عقود الفيديك بأنها عقود تخصصية في أعمال الإنشاءات تنظم حقوق والتزامات أطرافها ، والتوزيع العادل للمخاطر ، وأوامر التغيير لأعمال البناء . ويمكن استخدامها في جميع دول العالم ، لا سيما وأن هذه العقود تفتقر إلى وجود تنظيم تشريعي موحد في الدول العربية، مما يظهر إشكاليات الدراسة .

وأوصى الباحث بتقييم دور المهندس الاستشاري في فض النزاعات بين طرفي عقد الإنشاءات الدولية،و تقييم دور مجلس تسوية المنازعات، وتقييم الوسائل البديلة الأخرى لتسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية ( الفيديك ).

بعد ذلك قدم الدكتور نسيب زيادة مدير مركزالبحرين لتسوية المنازعات التابع للغرفة التجارية في البحرين ورقة بحث بعنوان "قانون التحكيم البحريني الجديد" بين فيها أن هذا القانون هو نتاج لمسيرة التشريع البحريني في مجال التحكيم وذكر الباحث أبرز سلبيات القانون القديم والفروقات بينهما وذكر أن قانون 1971م يعالج القضايا الداخلية دون الدولية، وذكر أن القانون الجديد يأتي في سياق القوانين الحديثة الدولية.

واختتمت الندوة بورقة بحث للأستاذ يوانيس كونستانتنيديس مدير قسم معاهدات التحكيم الاستثماري التجاري والقانون الدولي في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم التجاري بعنوان "التعايش المتناغم بين مبادئ الشريعة الإسلامية والتحكيم التجاري" بين فيها عدداً من التجارب المطبقة في القانون الماليزي والتي يتم الاسترشاد فيها  من خلال الأحكام الشرعية.

 

التغطية الإعلامية