وقائع الجلسة السابعة من جلسات مؤتمر القضاء والتحكيم المنعقد في جامعة الإمام

 

ترأس فضيلة الدكتور محمد بن عبدالله بن محمد بن الأمين الشنقيطي الجلسة السابعة والتي كان محورها حول القضاء والتحكيم الدوليين واستهل فضيلته الجلسة بكلمة رحب فيها بالحضور وأبدى سعادته لوجود مجموعة من العلماء والباحثين لإتحاف المؤتمر والحضور ببحوثهم العلمية وكانت أولى أوراق العمل عنوانها (القوة التنفيذية لأحكام المحكمين الأجنبية وفقاً لنظام التنفيذ السعودي الصادر عام 1433هـ)  قدمها الدكتور محمد بن علي بن محمد القرني أستاذ الأنظمة المساعد بجامعة الملك خالد بأبها، الذي بدأ بالشكر والتقدير لجامعة الإمام على تنظيم هذا المؤتمر.

وقال القرني: إن الدول الرائدة لا تكل عن السعي الدؤوب للتطوير ومن ذلك نظاما التنفيذ والتحكيم وأكد أن اللجوء إلى التقاضي لحل المنازعات يعد أمراً شاقاً مما يتطلب إيجاد وسائل بديلة وفي مقدمتها التحكيم وقد أقر المنظم السعودي هذه الوسيلة بما يحقق مقاصد الشرع ومصالح المواطنين والمقيمين فصدر نظام التحكيم بموجب المرسوم الملكي رقم م/34 ت1433 هـ في المادة (85)وقد اشتملت ورقة العمل المقدمة من قبل الدكتور القرني على تمهيد للتعريف بأحكام المحكمين الأجنبية في النظام السعودي يحتوي على أربعة مطالب أولها طبيعة أحكام المحكمين الأجنبية في النظام السعودي والذي ذكر فيه أحوال النزاعات التي تتطلب تحكيماً دولياً والأحوال المتعلقة به كالتحكيم التجاري أو الدولي الذي يجري خارج المملكة ويتفق طرفاه على إخضاعه لأحكام النظام وذلك في عدة أحوال، موضحاً أن القانون المعاصر له اتجاهات في التحكيم الأجنبي، الاتجاه الأول باعتبار حكم التحكيم الأجنبي نظراً لمكان صدوره وعرفوه بأنه "حكم المحكمين الصادر في دولة غير الدولة التي يطلب فيها تنفيذ الحكم " والاتجاه الثاني  اعتبار الحكم التحكيمي أجنبياً بالنظر للإجراءات والقانون الواجب التطبيق لإصداره فإن كانت خاضعة  لقانون تحكيم أجنبي يكون الحكم أجنبياً. والاتجاه الثالث اعتبار الحكم أجنبياً متى كان أحد عناصره أجنبيا. وذكر في المطلب الثاني طبيعة أحكام المحكمين الأجنبية في النظام السعودي وأخضعه لاتجاهات عدة تخلص إلى أن القول بأن الحكم بالتحكيم الأجنبي يمر بمرحلتين من التكيف ويترتب على هذا التكيف آثار عدة منها إضفاء صفة الشرعية على الحكم الأجنبي, واكتساب أحكام المحكمين قوة الأحكام القضائية, واكتساب أحكام المحكمين للقوة التنفيذية بالتنفيذ الجبري. وأوضح في المطلب الثالث أن محاكم المملكة غير مختصة بالنظر في المنازعات التي صدر فيها حكمٌ أجنبيٌ وأن الخصوم مثلوا تمثيلاً في الدفاع عن أنفسهم وأن الحكم أصبح نهائياً وفقا للمحكمة التي أصدرته وأنه لا يتعارض مع حكم صادر من جهة قضائية مختصة في المملكة وألا يتضمن مخالفة لأحكام النظام العام في المملكة  وبين أن دول مجلس التعاون  أثناء اتفاقية الرياض نصت على رفض الاعتراف بالحكم  ورفض تنفيذه في حالات معينة أقرتها الاتفاقيات الدولية والإقليمية وهذا يعني تطبيق الحكم الأجنبي إذا تم قبوله وإن خالف في حيثياته الحكم الاجتهادي لدى القاضي المسلم, وبين في المطلب الرابع مستند تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية في النظام السعودي في عدة مجالات منها مجال الحكم والاقتصاد وحقوق الإنسان والقضاء ومجال إصدار الأنظمة واللوائح فيما يحقق المصلحة ويرفع المفسدة في شؤون الدولة وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية .

وفي المطلب الخامس أوضح أن جهة الاختصاص في نظر أحكام المحكمين الأجنبية في النظام السعودي تنص على تقديم الأحكام الصادرة في بلد أجنبي إلى القضاء التنفيذي للتحقق من استيفاء الشروط النظامية والختم عليها .

وفي خاتمة الورقة حدد الدكتور القرني أهم النتائج وهي أن معيار الاعتبار للتحكيم الأجنبي هو حكم المحكمين الصادر في دولة يطلب يفها تنفيذ الحكم, وأن النظام السعودي يعامل التحكيم الأجنبي معاملة الأحكام القضائية وهو أحد اتجاهين فيما يعاملها، الاتجاه الآخر معاملة أحكام المحكمين الوطنية. ولابد من التأكد من مدى توافر شروط إصدار الأمر بالتنفيذ وخلوها من الموانع.

وقدم الدكتور عبدالمجيد غميجة المدير العام للمعهد العالي للقضاء بالمملكة المغربية ورقة عمل عن التوجهات الحديثة لتطوير الإدارة القضائية بدأها  بمقدمة عن أهمية التوجهات الحديثة إلى تطوير الإدارة القضائية وتحدث خلالها عن مفهوم الإدارة القضائية وما تتميز به وقد أطلق عليها مسمى (إدارة العدالة ) مؤداها الأخذ بمبادئ التخطيط والتنظيم والتوظيف واختيار الأشخاص والتوجيه والقيادة والتحكم في العمل وغير ذلك من المفاهيم الإدارية الجديدة كالقيادة الإدارية واللامركزية والإدارة الاستراتيجية والإدارة بالأهداف والإدارة الإلكترونية, كما أهداف الإدارة القضائية ومعوقات عملها والتوجهات العامة لتطوير إدارة قضائية احترافية ومؤهلة مؤكدا أن تطوير الإدارة القضائية يهدف إلى تعزيز كفاءة وفعالية منظومة العدالة وتحسين أداء المحاكم وتعزيز ثقة المجتمع في المؤسسات القضائية, كما ذكر بأن الغاية الأساسية من تحديث وتطوير الإدارة القضائية هو ضمان جودة الخدمة القضائية وأن معايير الجودة في الميدان القضائي تبنى على إرساء أداة تنظيم عملية لتحديد المهام والمسئوليات مما يساهم في عملية التواصل الداخلي والعمل بروح الفريق. كما أكد على أهمية المعايير المعتمدة في تقييم مدى فعالية الأنظمة القانونية والقضائية المعاصرة متمثلة في نشر المعرفة القانونية والقضائية واستغلال التكنولوجيا الحديثة في التقاضي عن بعد والأخذ بالوسائل البديلة لحل المنازعات ADR.

وقال بأن القاضي لم يعد المايسترو كالسابق بل أصبح مديراً للإجراءات وأن القرار يتخذه الخبراء والقاضي هو خبير الخبراء وأن المعوقات تتضخم في عدد القضايا والمحاكم مما يعيق تسيير المحاكم , وأكد أهمية عقد دورات تحديد الإجراءات أمام المحاكم وتطبيق هذه الإجراءات أمام المحاكم وتنفيذ هذه الإجراءات. وأهمية العنصر البشري تنمويا وقانونيا وتطويره واعتماد مقاييس الآيزو في العدالة والجودة كما في  فرنسا والولايات المتحدة, وأن اللجنة الأوروبية وضعت بدائل في هذا الباب لابد من الأخذ بها.

ومن تلك الوسائل البديلة: الوساطة, المصالحة, الاستشارة, المحاكمة المصغرة, او الجمع بين ما سبق وذلك للتخفيف عن القضاء .

قدم بعد ذلك الدكتور أحمد عبدالرحمن المجالي أستاذ القانون  التجاري المساعد في كلية الحقوق بجامعة طيبة ورقة عمل عن  (مدى احترام إرادة الأطراف للجوء إلى التحكيم التجاري الدولي ) وقد بدأها بالشكر للجهة المنظمة للمؤتمر ثم ذكر أن أهمية التحكيم تبدأ دورها بموافقة اللجوء ومدى احترام الأطراف عند اللجوء إلى التحكيم للتحكيم وذكر التعقيدات التي يواجهها المحكمون عند تنفيذ التحكيم في نزاعات المشاريع التجارية كمثال وأهمية التوفيق بين التناقضات الموجودة بين المبادئ الأساسية للتحكيم وأحكام التحكيم التجاري الدولي واشتملت ورقة العمل المقدمة من الدكتور المجالي على عدة مباحث أولها: اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي من خلال الموافقة الصريحة عليه . من خلال اتفاقية واحدة , ومن خلال عدة اتفاقيات.

ثانيا: اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي من خلال الاتفاق الضمني عليه  بالاندماج كسبب لضم شركة غير موقعة على اتفاقية التحكيم إلى التحكيم واللجوء إلى التحكيم ضمنياً من خلال تطبيق بعض النظريات المتعلقة بمجموعة الشركات .

واختتم البحث بعدة توصيات أكد فيها على أهمية العمل بما ورد فيه  ونشر المبادئ التي تم ذكرها ونشر الوعي بين الشركات العربية وفي المؤسسات الحكومية التي تتعاقد مع شركات أجنبية، كما أكد على ضرورة إنشاء معهد إقليمي متخصص في التحكيم التجاري الدولي لتقديم الاستشارات لرجال الأعمال والمهتمين ونشر أهم النظريات  والأحكام المطبقة في مجال التحكيم التجاري الدولي بين الشركات ورجال الأعمال والمهتمين بهذا المجال وإقامة دورات تدريبية متخصصة بالتحكيم التجاري الدولي .

ثم قدم الدكتور وولف فرانك رئيس مجلس إدارة معهد التحكيم بغرفة ستوكهولم للتجارة بالسويد ورقة عمل بعنوان التحكيم الدولي والمحاكم الوطنية، ابتدأها بالإشارة للنمو السريع للتحكيم الدولي على مدار العقود الماضية مما انعكس على  زيادة عدد القضايا وزيادة عدد التشريعات التي تسن قوانين تحكيم جديدة أو منقحة وأنه بدأ يزدهر في  دول آسيا وأمريكا اللاتينية وأكد بأن أحد أهم أسباب نجاح التحكيم الدولي هو ظهور إطار تنظيمي وقد تطور هذا الإطار بحيث أصبح مساندا وإشرافيا للمحاكم في الإجراءات التحكيمية من بين عدة أمور أخرى. ويعد عمل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي(الاونيسترال) هو الأكثر أهمية فيما يتعلق بالتحكيم الدولي, ذكر بعد ذلك اتفاقية نيويورك 1958 وأن هذه الاتفاقية أكثر الأدوات متعددة الأطراف نجاحا في مجال قانون التجارة الدولية, وتبنيها لقواعد تحكيم الاونيسترال والتي تم تنقيحها في عام 2010  حيث يعد ذلك التنقيح أول إنجاز للأونيسترال وتم تبني قواعدها التحكيمية عام 1976 حيث أصبحت المعتمدة منذ ذلك الوقت كما تضمنت عدة مميزات مبتكرة تهدف إلى تعزيز الكفاءة الإجرائية كما تم تصميم القانون النموذجي ليتم تنفيذه من قبل الدول ضمن تشريعاتهم الوطنية لتسهيل عملية تعامل السلطات التشريعية المختلفة حول العالم مع التحكيم التجاري الدولي ويغطي القانون النموذجي في مواده الـ36  كافة مراحل العملية التحكيمية . ويعكس هذا القانون اجماعاً عالمياً حول الأوجه الرئيسة لممارسة التحكيم الدولي وقد اعتمدت رابطة المحامين الدوليين في 2014  عدة توجيهات جديدة حول تضارب المصالح في التحكيم الدولي لتحل محل النسخة السابقة التي اعتمدت في 2004  وصممت على معايير دولية واسعة النطاق وتحدث عن المؤسسات التحكيمية وعددها في العالم ومدى قدرتها على تطبيق القواعد المؤسسية الكبرى ودورها في إجراء التحكيم الدولي كما تحدث عن الحالات التي قد تشارك  فيها المحكمة بموجب القانون النموذجي كـ تنفيذ اتفاقية الأحكام وتعيين المحكمين والطعون على المحكمين والاختصاص والتقرير بشأن النزاع والإجراءات المؤقتة والتي تعد أمرا ضروريا يمكن لهيئة التحكيم المطالبة بها وذكر الأخذ بالدلائل حيث لا يمكن إجبار الشهود على المثول أما التحكيم مما يوجب اعتماد هيئات التحكيم على دعم المحكمة وأيضا استبعاد قرارات التحكيم حيث لا يتم التعامل مع موضوع النزاع بل مع الطريقة التي تمت بها الإجراءات . واختتم الدكتور بحثه بذكر مدى استفادة التحكيم من الإجراءات التشريعية وغيرها وكفاءة التحكيم وأفضليته وانتشاره .

التغطية الإعلامية