متحدثوا الجلسة الرابعة في مؤتمر التعريب ال13 تطبيق التعريب في التعليم الجامعي يرفع مستوى مخرجات التعليم العالي

​انطلقت صباح اليوم (الأربعاء) جلسات مؤتمر التعريب الثالث عشر "التعريب وتوطين العلوم والتقنية" في يومها الثاني، الذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة بمعهد الملك عبدالله للترجمة والتعريب بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ممثلة بمكتب تنسيق التعريب، وذلك في مبنى المؤتمرات بالجامعة خلال الفترة 1440/1/15/17هـ  الموافق 2018/9/25/27م .

ورحبت وكيلة الجامعة لشؤون الطالبات سعادة الدكتورة حنان العريني في بداية الجلسة الرابعة التي ترأستها بعنوان "تعريب التعليم الجامعي والتخطيط للمستقبل" بالحضور معربة عن سعادتها بالمشاركة في لجنة المؤتمر الذي يحظى بنخبة من الأساتذة والأكاديميين، واستهل الجلسة أ.د عبدالواحد الزمر - جامعة الملك خالد- في ورقته بعنوان: "تحديات التعليم الجامعي باللغة الإنجليزية التخصصات العلمية وضرورة التعريب" شدد فيها على أهمية التعليم باللغة الأم لما له دور في أداء أكاديمي أفضل، ويهدف الباحث من خلال دراسته إلى الوقوف على التحديات التي يواجهها التعليم الجامعي في السعودية إثر أحادية اللغة الأجنبية المستخدمة كلغة تعليم، وضرورة التفكير الجاد في دعم سياسة وتخطيط لغوي جديد، يجمعان بين الحفاظ على مكانة اللغة العربية ودورها في التعليم، وبين استخدام اللغة الانجليزية كنافذة للإطلال من خلالها على الانتاج العلمي العالمي والتفاعل معه، وتطرق د.الزمر إلى عدد من الدراسات الأجنبية والعربية والمحلية التي تظهر مدى تأثير عدم استخدام اللغة الأم في التعليم الجامعي، مطالباً المجامع العربية والخبراء في شأن السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي في التعليم العالي على وجه الخصوص أن يكون لهم دوراً فاعلاً للتعامل مع هذه التحديات لحماية اللغة العربية بشتى الوسائل، والتي كان التعريب أحد هذه الاستراتيجيات، مشيراً إلى أن العديد من الخبراء قد تناولوه من زوايا مختلفة. وخلصت دراسته إلى أن توظيف اللغة الانجليزية في التعليم الجامعي لها أثر سلبي كبير جداً على استيعاب المحاضرات والمحتوى العلمي بنسبة 78% من طلبة التخصصات العلمية، كما أن لها أثاراً أخرى على البيئة التعليمية والاتصال إلى جانب الآثار النفسية، مؤكداً أن دراسته تتفق مع الدراسات السابقة، وأن أبرز الخيارات لمواجهة هذه التحديات وضعف مخرجات التعليم العالي يكمن في التعريب.

فيما تحدث أ.د عبدالرزاق الصغير -جامعة شقراء- في ورقته التي جاءت بعنوان: "رأي البحث العلمي في مسألة تعريب التعليم الجامعي: دراسة تحليلية" عن أهداف دراسته قائلاً: "قصدت فيها إلى الوقوف على ما تمخضت  عنه الدراسات والأبحاث السابقة فيما يخص قضية التعريب  في التعليم الجامعي في الوطن العربي؛ مما قام به طلبة الجامعات وأساتذة التعليم العالي، وعمداء الكليات ورجال المؤسسات السياسية، وتقديم ذلك كله في إطار علمي يكون نبراساً بين يدي صناع  القرار من الساسة  لاتخاذ ما يرونه صالحاً لأمتهم ومجتمعاتهم". واستعرض الباحث 50 دراسة علمية سابقة على مدى 30 عاماً متعلقة بطلبة الجامعات، وأعضاء هيئة التدريس، وعمداء الكليات الجامعية، والمؤسسة السياسية وعلاقتهم بالتعليم الجامعي والنتائج التي توصلت إليها هذه الدراسات، كما استعرض الباحث نماذج من تجارب السابقين في مجال تعريب التعليم، لتبديد الشكوك لدى من لا يؤمنون بإمكانية تعريب التعليم بصفة عامة، والتعليم الجامعي بصفة خاصة، متطرقاً إلى بعض صعوبات التعريب التي وصفها ب"المفتعلة" مثل: مشكلات التعريب ومعوقاته وتحدياته وندرة مراجعه، وترجم مصطلحاته وغياب مقرراته حسبما وردت في الدراسات السابقة والرد عليها. وفي نهاية حديثه طالب بضرورة تعريب التعليم وإمكانية تطبيقه استناداً لما تم حصره من تجارب ناجحة، وبما تم استخلاصه من حلول للصعوبات المثارة حوله، معززاً ذلك بالنسب العالية التي وردت في دراسته لآراء الطلبة والأساتذة والعمداء حول الجوانب الإيجابية في التعريب، قائلاَ: لا يفصلنا عن تعريب التعليم الجامعي سوى سرعة اتخاذ القرار ممن يعنيهم الأمر، وجدية تنفيذه من قبل القائمين عليه ومتابعة المسؤولين.

من جانبها استهلت د. عائدة عبدالرحمن الأنصاري - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- ورقتها: "التعريب سبيل النهوض بالبحث العلمي" بالحديث عن أهمية البحث العلمي وقالت: إنه قوام نهضة الأمم وعمادها، ويُعد مقياساً لتقدم الدول ومعياراً لتصنيفها في سلم الحضارة وموقعها بين الدول، وأشارت إلى أن البحث الذي يترك أثراً بارزاً في مسيرة الأمم الحضارية هو البحث الذي يلبي حاجة المجتمع، ويسهم في حل مشكلاته، ويدفع به إلى مراقي الحضارة، ويجعله مسهماً إسهاماً فاعلاً في عالمه. وليكون البحث العلمي كذلك، لا بد أن تكون الصلة وثيقة بينه وبين مجتمعه، ولن يتأتى ذلك إلا إذا كانت لغتهما مشتركة بحيث يكون البحث نابع من المجتمع وعائد عليه، مبينة أهمية اللغة العربية وتطورها العلمي، ولفتت إلى الفجوة بين البحث العلمي والمجتمع العربي بسبب اعتقاد خاطئ مفاده أن العربية لا تصلح أن تكون لغة للبحث العلمي لأنها لغة غير علمية، وهذا زعم ليس له سند ولا يقوم على سند، فقد نهضت العربية بالبحث العلمي وأسهم العرب في الحضارة الإنسانية فوضعوا أسساً كثيرة من العلوم التطبيقية كالطب، والهندسة، والرياضيات والفلك، كما أسهموا في تطوير كثير من العلوم التي أخذوا أسسها من غيرهم من الأمم فشادوا عليها وأعلوا شأنها.

وذكرت الدكتورة الأنصاري أن للتعريب دلالات عدة يعنينا منها ما صار في حكم المصطلح وهو جعل العربية لغة للتدريس في التعليم، على أن التعريب لا يعني فقط التدريس باللغة العربية بل يتعدى ذلك إلى تعريب  البيئة كافة، وطالبت بألا يكون تعلم اللغات الأجنبية في سني التعليم الأولى، معتبرة ذلك تنافساً بين لغتين، يزيد الأمر عسراً أن التلميذ العربي وإن كان ناطقاً بالعربية إلا أنه كالناطق بغيرها حين يلج المدرسة، فهو قادم من بيئة عامية  لغتها في كل شأنها فكأنه هنا أمام لغتين هو حديث عهد بهما عليه أن يتعلمهما في آن وأيهما غلب فقد غلب، فليمكن التلميذ أولا من لغته الأم ثم يتعلم غيرها، وقد دلت الدراسات على أن الذي يتقن لغته يسهل عليه تعلم غيرها في وقت وجيز. واستعرضت جملة من الأسباب التي تدعو إلى التعريب وايجابيات تطبيقه، كما ذكرت شروطاً لابد من توافرها كي ينهض التعريب على الوجه الأكمل وهي: المصطلح العلمي، والترجمة، والكتاب المنهجي، وفي ختام دراستها أوردت عدة توصيات كان أبرزها: الإنفاق على البحث العلمي والتدريس باللغة العربية في التعليم العام، الأخذ بالتعريب في كل مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، العناية بتأليف الكتب المنهجية باللغة العربية في العلوم التطبيقية، والتنسيق بين الجامعات العربية في ذلك، مع العناية الفائقة بها مضمونا وشكلا.

في حين تناولت أ.د حنان السلاموني - جامعة شقراء- في بحثها تحت عنوان "تعريب العلوم والتعليم الجامعي: رؤى وآفاق" موضوع تعريب العلوم من زاويتين: الأولى تعريب الإنتاج المعرفي للعلوم التطبيقية المختلفة، إضافة إلى تعريب تعليم هذه العلوم في الجامعات العربية التي تعتمد في معظمها اللغات الأجنبية، خصوصاً الإنجليزية وسيلة للتعليم والتواصل بين عناصر العملية التعليمية جميعها، وتتمثل الثانية في الاهتمام بتعريب منظومة التعليم الجامعي بكافة عناصرها، وأشارت إلى أن التكامل واضحاً بين الزاويتين، فلا يعقل أن يكون الإنتاج العلمي باللغة الإنجليزية والتعليم باللغة العربية، فالتخطيط اللغوي الصائب يهتم بتحقيق التكامل بينهما. وفندت الباحثة ما يزعمه البعض من صعوبة تعريب العلوم التطبيقية لكونها نشأت في بيئة غربية بلغاتها ومرتبطة بثقافتها أو ما يضع رافضي التعريب من عوائق كمبرراً لهم مثل: عدم قدرة اللغة العربية على التعبير عن العلوم بمصطلحاتها الدقيقة والمتعددة، وأن إعداد الرسائل العلمية ومناقشتها في الجامعات العربية باللغة الإنجليزية، ومعظم المراجع العلمية الضرورية للباحثين والدارسين باللغة الإنجليزية.

كما أكدت أهمية تعريب العلوم والتعليم الجامعي ودوره في ربط التراث العلمي القديم بمستجدات العلوم الحديثة للنهوض بالأمة في إثراء اللغة العربية لدى الأستاذ، إذ يتعمق بلغته أكثر مما يقتضي الابتكار والإبداع، وأضافت: كما أن تدريس المواد العلمية باللغة العربية يحفز بصورة تلقائية المدرس والمترجم إلى ترجمة هذه المواد باللغة العربية، واسترسلت متحدثة عن أهداف التعليم الجامعي وأدواره المهمة في التنمية والتحديات المواجهة له التي تتمحور أبرزها حول : المحتوى العلمي، والكتاب الجامعي، والمعلم، والمتعلم، والمؤسسة التعليمية، إضافة إلى استراتيجيات التدريس، والتقنيات المستخدمة في التعلم والتعليم. وحول أفاق تعريب التعليم الجامعي تطرقت الدكتورة السلاموني إلى ضرورة الاستفادة من تعريب الإنترنت وتقنياته، وتوظيفها في إثراء التعليم الجامعي ليجذب اهتمام المتعلمين، ويحثهم على تبادل الآراء والخبرات، عن طريق الاتصال بالآخرين ممن لهم نفس الاهتمامات أو عكسه. واختتمت جلستها بالتوصيات حاضة فيها على استحداث قرارات حول تعريب العلوم والتعليم الجامعي، ووضع بنية علمية صحيحة، وإثراء المكتبة العربية بالمراجع العلمية المترجمة والحديثة، كما دعت إلى حث جميع أعضاء هيئة التدريس للعمل بجد واجتهاد في تأليف الكتب وترجمتها، وإجراء الأبحاث العلمية باللغة العربية، ونقل هذه المبادئ إلى طلابهم.

ثم استهل أ.د. محمد يحيى جمال -الحكومة الفيدرالية الأسترالية حديثه بالورقة الخامسة بمحور تعريب التعليم الجامعي والتخطيط للمستقبل متناولاً موضوع (التعليم العالي في العصر الرقمي) حيث قام بدراسة العلاقة بين تعريب التعليم العالي والترجمة في العصر الرقمي وأتخذ من دراسات الترجمة في الجامعات العربية سبيلاً لإلقاء الضوء على ظاهرة سائدة معاكسة لفلسفة التعريب وهي الالتجاء إلى التغريب والعزوف عن استخدام اللغة العربية! وأنه يجب العمل على إثراء اللغة العربية بالاستخدام والتفكير والنشر والتشجيع على ممارستها في كافة الأنشطة الجامعية والمجتمعية، على الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجه الثقافة العربية إلا أن العصر الرقمي قد أتاح العديد من السبل التي يمكنها أن تساعد الجامعات العربية فمن هذه السبل تقنيات الترجمة السمعية البصرية، والتي من شأنها أن تساعد جهود التعريب وتقوية اللغة العربية، وتشجيع استخدامها بشكل معاصر يلبي احتياجات القطاع الأكبر في العالم العربي وهم الشباب.

وتطرق إلى الخلفية التاريخية لأهمية الترجمة في المجتمع العربي على مدار القرنين الماضيين، ثم وضح ارتباط الترجمة والتعريب بالطب والتعليم العالي، وما لكليات الترجمة من دور في عملية التعريب، وكيف خدمت الترجمة السمعية البصرية تعريب التعليم العالي، كما أشار لتطور دراسات الترجمة في العصر الرقمي، وبين مجالات دراسات الترجمة التطبيقية، وأنه لابد من أخذ الخطوة إلى عقد مؤتمر يختص بدراسات الترجمة السمعية والبصرية لاستشراف العملية التي يمكن الشروع فيها لتعريب التعليم العالي في العصر الرقمي، لأنها الطريقة التي تشكل الأداء والتفكير لعدة عقود قادمة.

ثم تلاه مكملاً في المحور ذاته بالورقة السادسة أ.د. ماهر محمد نوفل -جامعة الأمير سلطان موضوع (التعريب وأثره في تحسين مخرجات البرامج التعلمية في كليات الهندسة) ذكر بأن اللغة المستخدمة في التعليم لها أثر كبير في الفهم والإدراك وسرعة الاستيعاب للمتعلم، وحيث أن اللغة العربية هي لغة يمكن أن نربطها بعلوم الهندسة وبذلك سوف نجدها سهلة وقادرة على الوصول إلى عقول  الطلبة والدارسين وحياتهم العلمية وهي قادرة على أن تدخل ميدان العلم والابتكار وتسهم في التطور والتنمية، ولا بد من عقد شراكة بين اللغة العربية والعلوم التطبيقية في جامعاتنا ومعاهدنا الدراسية فهي طريقنا لمجالات التنمية والتطور في العالم العربي، وإن المصطلحات الجديدة هي مفاتيح العلوم لذا ينبغي أن نوجه نسبة كبيرة من جهود علمائنا ولغتنا التي نستعملها من أجل إدارة هذه المصطلحات التي تغزونا نتيجة التطور الفكري والتقني في العالم، وبين أن العربية قادرة على استيعاب كل هذه المفاهيم وجميع هذه المصطلحات بما وهبت من مرونة وقدرة وليونة لتقبل الفكر الجديد والاختراع الحديث، فالمجاز والاشتقاق والاقتراض والنحت والتعريب وغيرها من وسائل ومكونات اللغة العربية كلها تسهم وقادرة في إيجاد البديل، والمناسب لما يجدّ في عالم التقنية والإبداع والاختراع، وينبغي أن تحلّ عقد النّقص والخلل في نفوس بعض أصحاب القرار وأبناء اللغة العربية الذين يعتقدون التفوق في اللغة الأجنبية وأن العربية ضعيفة وعاجزة عن حمل المصطلحات العلمية المعاصرة ونقل التكنولوجيا المتطورة وذلك بوضع التشريعات المناسبة، فقد وضح استيعاب العربية في عهد الحضارة الاسلامية الغرب والشرق بفضل سواعد علمائها وأبنائها وإرادة القائمين على أمورها.

وتطرق لنقاط مهمة في بحثه وهي: إشكالية تدريس العلوم الهندسية باللغة الإنجليزية مقارنة بالعربية، وفوائد التدريس باللغة العربية، وأهم الاعتراضات على اللغة العربية، وجهود العرب والمسلمين مع التعريب والعربية، جهود مراكز وجمعيات الترجمة والتعريب في الوطن العربي، وتدريس الهندسة الميكانيكية وهندسة الطيران باللغة العربية.

ثم ختم بعرض بعض التوصيات من أجل خطوات عملية لتنفيذ التعريب وتدريس الهندسة والعلوم باللغة العربية. لأن التعريب أصبح ضرورة ملحة في جميع البرامج التعليمية المختلفة في التعليم الجامعي.

وانتهت الجلسة الرابعة بمناقشة البحوث التي تم عرضها وبعض المداخلات، ثم شكرت الدكتورة حنان العريني وكيلة شؤون الطالبات كل من ساهم وحضر، وانتهت الجلسة باستراحة قصيرة لتبدأ بعدها الجلسة الخامسة .

التغطية الإعلامية