أقامت عمادة البحث العلمي خلال الأيام الماضية عددًا من البرامج في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء ففي قسم اللغة العربية أقامت العمادة محاضرة بعنوان: "تحقيق التراث اللغوي بين النظرية والتطبيق"، للدكتور الخضر السيد أحمد، وقد تحدث الدكتور في طلع المحاضرة عن أهمية التراث اللغوي، وتمسك علماء الحاضر بماضيهم التليد، وعلمائهم الأفذاذ الذين ضربوا في كل علم بسهم، وأخذوا من كل فن بنصيب، وأن الله قد سخر لهذا التراث من يعيد إليه الحياة ، فقام هؤلاء ببناء معالمه ،ونشر محاسنه، كما تحدث الدكتور عن حقيقة التحقيق وماهيته ، وطرق تحقيق المخطوطات العلمية المتنوعة، وكيفية تحقيق عنوان المخطوط ، وتحقيق اسم المؤلف ، ونسبة الكتاب إلى صاحبه بالطريقة العلمية السديدة التي تقطع الشك باليقين حتى يطمئن القارئ أنه على الطريق الصحيح، وكيفية معالجة النصوص في المخطوط ، ومعرفة درجات نسخ المخطوط ، والطريقة المثلى في كيفية جمع أصول نسخ المخطوط ، وفحصها فحصًا علميًا دقيقًا ، وتحقيق متن المخطوط والوصول إلى أداء المتن كما أراد صاحبه أداء صادقًا كمًا وكيفًا بقدر اﻹمكان، ومعرفة لوازم التحقيق من: تمرس المحقق في قراءة نسخ المخطوط، وإلمامه بأسلوب صاحب المخطوط، وإحاطته بالطرق التي يستطيع من خلالها أن يصل بالقارئ إلى معرفة الحكم الصحيح، والتعليل الصريح وذلك من خلال جمعه الكلمة الشرود، والعبارة النافرة في المسألة الواحدة كما أشار الدكتور في محاضرته إلى الصعوبات التي قد تواجه المحقق في تحقيقه، وانتخاب بعض الحلول لها، ثم ختم الحديث بذكر تجربته الشخصية في تحقيق المخطوطات، وذلك من خلال تحقيقه كتاب " فصل الخطاب في تفسير أم الكتاب للوارداري " والذي تم نشره، وطبعه في منشورات دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - محمد علي بيضون. وبعد أن أنهى الدكتور الخضر حديثة جاءت مداخلات الأساتذة بالاستفسار والتعقيب كما تم تسليم الدكتور الخضر السيد أحمد درعًا من عمادة البحث العلمي سلمه له رئيس قسم اللغة العربية الدكتور سعيد بن عثمان الملا.
كما أقامت العمادة محاضرة أخرى في القسم نفسه بعنوان ( الملاحظة وأثرها في البحث العلمي ) ، للدكتور/ طارق محمود محمد محمود ، وقد تحدث في بداية المحاضرة عن تعريف الملاحظة العلمية حديثًا ، ثم تناول مفهوم الملاحظة عند القدماء، فأوضح أن الملاحظة كانت حاضرة في فكر القدماء، ولكنها أخذت مسميات مختلفة نحو المؤاخذات والاستدراكات، والتنبيهات وإصلاح الخلل ، وبيان الغلط إلى غير ذلك من الأسماء ، ثم تابع ذلك ببيان الكتب التي قامت على منهج الملاحظة ، ومنها كتاب (الرد على سيبويه للمبرد) والانتصار لسيبويه ، لابن ولاد، وغيرها، ثم أوضح الدكتور طارق أهمية منهج الملاحظة ، وتمثل ذلك في نقاط عدة أهمها أنه يقود إلى إنتاج بحوث علمية هادفة ومثمرة بعيدة عما ملأ الأجواء من بحوث تقليدية عمادها الإحصاء والحصر ، ثم ذكر شروط الملاحظة ، وكان من أهمها الموضوعية ، بالبعد عن الذاتية ، والتخلص من تحكم الميول والانتماء والأفكار المسبقة، كي يلاحظ الباحث الظاهرة كما تبدو في مكانها ،فلا تقتصر الملاحظة على زمن دون زمن، ولا علم دون علم ، ولا قوم دون قوم ، كما أن الرأي " لا يُزكى لمجرد قدمه ولا قدم صاحبه ، ولا يرد لمجرد حداثته أو حداثة قائله " فتكون هكذا الملاحظة في كل صورها، ومستوياتها يقبل صالحها المدعوم بالدليل ، ويرد ما كان ادعاء لا دليل عليه، ثم تحدث عن وسائل الملاحظة وهي (الانتباه، و الإحساس، و الإدراك، و التصور الذهني)، وختم محاضرته بالجانب التطبيقي ، والذي عرض فيه بعض البحوث كان منطلقها الملاحظة ،ولها أثر مؤثر في مسيرة علم النحو.
وبعد أن أنهى الدكتور طارق محمود حديثة جاءت مداخلات الأساتذة بالاستفسار والتعقيب ، ثم تسليم الدكتور درعًا من عمادة البحث العلمي سلمه له رئيس قسم اللغة العربية الدكتور سعيد بن عثمان الملا
أما في قسم الجغرافيا فقد أقامت العمادة بالتنسيق مع وحدة البحوث بالكلية محاضرة كانت بعنوان: "منهج تحقيق المخطوطات التاريخية"، للدكتور مسعد سيد كتبي، قسم حديثه فيها إلى أربعة محاور: خصص المحور الأول للتعريف بالمخطوط لغة واصطلاحًا ، ثم بين أهمية الاعتماد على المخطوطات في انجاز البحوث العلمية الرصينة، لاحتوائها على مادة علمية قد تكون فريدة في بابها ، ولم يكشف النقاب عنها من قبل، ثم عرج الدكتور لبيان العدد المفترض وجوده من المخطوطات العربية في العالم ، وتوزع هذه المخطوطات في بقاع العالم سواء في المكتبات أو الأكاديميات أو المتاحف أو الأديرة وغيرها من الأماكن، ثم عرض في المحور الثاني: المقصود بالنشر العلمي أو التحقيق لغة واصطلاحًا: وهو إخراج المتون مصححة مقومة ، مع القصد في التفسير والمقارنة والحواشي ، بحيث تتبين مواضع الأهمية فيها للقارئ ، فيتمثلها ، ويستقي منها في غير عناء ، وبين الشروط العامة والخاصة الواجب توافرها فيمن يتصدى لتحقيق المخطوطات ونشرها، كالمعرفة التامة بقواعد اللغة، وأنواع الخطوط العربية، والأساليب المختلفة للمؤلفين، والدراية بكتب البليوجرافيا، ثم الإجادة في مجال تخصصه سواء أكان تاريخا أم غيره .
ثم تناول في المحور الثالث الدعوات المحمودة التي قام بها رواد النهضة العلمية من أجل تحفيز الباحثين والمحققين لنشر التراث ، خاصة وقد سبقنا المستشرقون في هذا المضمار بخطوات كبيرة ووضعوا من القواعد المنهجية الصارمة ما يحتذى به، وأكد على أنه لابد من ولوج هذا المجال، والمضي فيه قدمًا لاستعادة ثراثنا المفقود ، ومعرفة تاريخنا معرفة تقارب الحقيقة المنشودة، وحتى لا يظن ظان أن الدعوة لنشر التراث قد تكون من باب الترف أو تقليد المستشرقين فحسب .
ثم ختم الدكتور محاضرته بالمحور الرابع وهو لب الموضوع ، حيث عرض لقواعد النشر العلمي والتحقيق ، والتي خلاصتها ( إن المخطوط عندما يحقق وينشر يجب أن يكون التحقيق شاملاً متقناً ، بحيث لا يترك المحقق فرصة لأحد لإعادة تحقيق نص من النصوص ) ولا يتحقق ذلك إلا باتباع المنهج العلمي في التحقيق ، والذي يهدف إلى إخراج النص في صورته الكاملة كما أراده المؤلف ، بالاجتهاد في الوصول إلى أصح النسخ حتى ولو لم تكن بخط المؤلف ، ثم مقارنة النسخ المختلفة للمخطوط ، والإشارة إلى مواطن الاختلاف في النص، والاجتهاد في رد مكامن النقص من خلال المصادر المعاصرة للمخطوط ، وتفسير المبهم من الألفاظ ، والترجمة للأعلام ، والتعريف بالبلدان ، ليخرج متن المخطوط في صورته النهائية كما أراده المؤلف بعد تنويره بالحواشي المقتصدة، والملاحق المفيدة للقارئ ، وينبغي على المحقق أن يتذكر دائمًا أن مهمته هى إخراج المخطوط من ظلمات المخطوطات إلى نور المطبوعات ، وليس إبراز قدرته على التعليق والإضافة ، فالعمل أولاً وأخيراً منسوب لصاحبه، وليس للمحقق أن يحمل المخطوط أكثر مما يحتمل ، وينبغي ألا تزيد حواشي التحقيق عن ثلث الصفحة ويبقى الثلثين للمتن المنشور، وبعد أن أنهى الدكتور حديثة جاءت مداخلات الأساتذة بالاستفسار والتعقيب، كما تم تسليم الدكتور مسعد سيد كتبي درعًا من عمادة البحث العلمي سلمه له رئيس قسم الجغرافيا الدكتور عبدالرحمن العمير.
كما أقامت العمادة في القسم نفسه ندوة علمية بعنوان "تحكيم ونشر الأبحاث الجغرافية بقاعة اجتماعات القسم" تحدث في الندوة الدكتور محمد بن علي الملحم، والأستاذ الدكتور عمر أحمد المصطفى حياتي، والدكتور يسن عبد الله الحضري، وقد بيّن الدكتور محمد بن علي الملحم, المتحدث الأول في الندوة, أهمية البحث العلمي والتحكيم العلمي, وأشار إلى أن تحكيم الأبحاث الجغرافية لا يختلف كثيرًا عن تحكيم الأبحاث الأخرى في مجال العلوم الاجتماعية. كما تعرض في حديثة لآليات التحكيم في المجلات العلمية, ولتجربته في مجال تحكيم الأبحاث الجغرافية مستعرضًا استمارة تقييم بحث بغرض النشر. كما أشار في مجمل حديثه لضعف بعض الأبحاث المقدمة للنشر وخلوها من أساسيات البحث العلمي. وركز أ. د. عمر حياتي في حديثة عن أنواع التحكيم العلمي ممثلة في: التحكيم المجهول, والمجهول جزئيًا, والمفتوح, والآراء الموجبة والسالبة في حق كل منها, ودور البيئة الإلكترونية في التحكيم. كما شمل حديثه تعريفا لأنواع المحكمين: الموضوعي والذاتي والسلبي, والصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المحكم, ومعايير التحكيم, مشيرًا لاختلاف هذه المعايير، وطريقة وأسلوب التحكيم من مجلة لأخرى, وختم حديثة بتوصيات عامة للمحكمين. كما تحدث د. يس الحضري عن أهمية النشر في المجلات العلمية الجغرافية العالمية المتميزة, والتي حددت بعضها عمادة البحث العلمي بالجامعة. وثنى على أهمية وفاعلية النشر في وعاء عالمي لما له من مردود علمي وعملي للباحث. وأشار د. الحضرى في حديثه لمشكلات التحكيم والنشر ولخصها في: البعد الذاتي، وعدم الالتزام بالموضوعية لبعض المحكمين, وضعف احترام بعضهم للوقت, والاختيار غير الموفق للمحكم من قبل هيئة التحرير, وتباين معايير التحكيم بين مجلة وأخرى, والدور السلبي لهيئة التحرير, وضعف التحفيز، ثم شارك أعضاء القسم بمداخلات وتعليقات, كل بخبرته, في محاور الندوة. وأشادوا بأهمية موضوع التحكيم العلمي وأوصوا بضرورة مناقشته بصورة أوسع مستقبلًا، وفي ختام الندوة تم تسلم كل أستاذ من المتحدثين درعًا من عمادة البحث العلمي سلمه لهم رئيس قسم الجغرافيا الدكتور عبدالرحمن العمير.
وقد شكر رئيس وحدة البحوث الدكتور عبدالكريم بن محمد السماعيل عمادة البحث العلمي، رعايتها لهذه الأنشطة والبرامج، وعمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية على تعاونها، والأقسام العلمية التي شاركت على تفاعلها.