تسكن النفس البشرية إلى الاجتماع ، وتنشد الألفة والسكينة بين أفرادها ، ولذا كان الوطن -أي وطن- قبلةً للفرد؛ ليستظل بما يعزز انتماءه ، ويقوي ولاءه ، ومنذ نشأة الخليقة والإنسان بفطرته يحن إلى مرافئ الأمان ، ومراتع الصبا ، ولذا لم يكن غريبًا أن يسعد كل مواطن سعودي بيوم يجدد تذكيره بتوحيد أفراد وطنه، وتأسيس كيان عظيم يجمع شتاته، ويؤلف أركانه، ومن هنا كان التذكير بنعم الله في وحدة الصف، واتحاد الكلمة حقًّا وطنيًّا، كيف وقد منحَنا الوطن أرضًا تقلنا ، وبركاتٍ نرفل في ضيائها ، وسلبَنا خوفًا واضطرابًا يعصف ببني الإنسان في كل مكان.
إن التذكير بيوم خالد للوطن ليس تعويذةً تُرَتَّل في المحافل فحسب ، ولا حروفًا تسطر في صحيفة تُقرأ؛ إنه إحساس الهُويَّة ، وانتماء الجنسية ، وحفاظٌ على الملكية. وأحسب أن الولاء للوطن وتعزيز الوقوف مع الإنجازات تلو الإنجازات ونحن نبصر الواقع أمامنا لهو المعين على تذكر النعمة التي حبانا الله إياها في ظل قادتنا الحكماء للسير بهذه البلاد نحو الهمم والقمم، ونحن -إذ نهنئ وطننا وقيادتنا وشعبنا العظيم بهذا اليوم- نذكر بأن الوطن يستدعي منا أيضًا الحفاظ على مقدراته، والسعي الحثيث إلى تعزيز مكانته في العالم بإيصال النموذج الإنساني العظيم الذي يتسامى مع النفس البشرية ، ويحافظ على الصورة المثلى عن السعودية وشعبها.
إن التحالف الوثيق بين الإمامين محمد بن سعود والإمام محمد بن عبد الوهاب في بعث العقيدة الإسلامية الصحيحة قد جَعَلَ امتداد هذه الدولة المباركة قَدَرًا يصاحب هذا الوطن أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة، وهي ترفل بصنوف من المدنية الحديثة، والحضارة الكريمة، التي أضحتْ محطَّ أنظار الشادين في العالم أجمع.
هنيئًا لنا بهذا الوطن المعطاء، وهنيئًا لنا بأولئك القادة الأفذاذ الذي ما فتئوا يقدمون الغالي والنفيس من أجل رفعة هذه البلاد في المحافل كلها، وهنيئا لنا بهذا الشعب الذي رسخ مفهوم الوطنية الحق بحسن الانتماء ، وبلاغة العطاء ، وهمة نحو عنان السماء.
د. بدر بن محمد الراشد
وكيل عمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد