القاسم المشترك للخط الزمني التاريخي منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ- 1727م، وإلى يومنا هذا، هو أن المملكة العربية السعودية دولة ذات سيادة، ونهج سياسي حكيم، له بعد تاريخي وثقافي ضارب في عمق الزمن. إن الاعتزاز بهذا التاريخ المجيد لهذه الدولة الراسخة يمثل الانتماء الوطني للسعودية، ذلك الانتماء تشكل من خلال الهوية. فالهوية بمفهومها الفردي والاجتماعي، تتبلور من خلال تطوير المجتمع لأدواته الثقافية المادية والمعنوية خلال مسيرته التاريخية. فمنذ تأسيس الدولة السعودية، ومراحلها مترابطة وممتدة، مما نتج عنه استقرار الإرث الإداري والتنظيمي للدولة. فقد شهدت الدولة السعودية الأولى تنظيم الموارد الاقتصادية، والتوسع في التخطيط العمراني، ودعم التعليم، والنظرة الوثابة للمستقبل، مما جعل "الدرعية" العاصمة للدولة آنذاك، مصدراً للجذب الاقتصادي والفكري والثقافي.
والدولة السعودية الثانية تعتبر امتداداً تاريخياً وحضارياً للدولة السعودية الأولى، حيث حافظت على أدواتها الثقافية، من حفظ للأمن، وترسيخ للعدل، وتعزيز للتعليم، والقضاء على الفرقة والتناحر. والدولة السعودية الثالثة، التي نعيش في كنفها الآن، تم توحيدها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. وهي ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، بوصفها امتداد للنهج الإداري والسياسي الحكيم للدولة السعودية عبر مراحلها التاريخية الممتدة لثلاثمائة عام، هذا النهج الذي يعتبر من أهم المعطيات الثقافية التي حافظت على هذا الكيان. والدولة السعودية بجميع مراحلها، تعتز بالإسلام وخدمته، من خلال ترسيخ التعليم الديني، ونشر الدعوة الوسطية، وخدمة الحرمين الشريفين.
والمملكة العربية السعودية في هذا العهد الزاهر والميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله وأيدهما بنصره وتوفيقه، تعتبر واحة أمن وأمان واستقرار سياسي واقتصادي، وموروث ثقافي متجذر، قائم على مرتكزات إسلامية، وإنسانية نبيلة، لذلك فان رسالة المملكة للعالم هي رسالة سلام، وتعايش وتعاون، يتجلى ذلك من خلال عضويتها الفاعلة والمتميزة في مجموعة العشرين، واكتسابها ولله الحمد سمعة رائدة في مجال الاقتصاد والأعمال، لذا أصبحت بيئة جاذبة للاستثمار العالمي.
إن الابتهاج بتأسيس المملكة العربية السعودية، يمثل قصة فرح، واحتفالية تلونها ذكريات عاطرة لملحمة تاريخية وحضارية ضاربة في عمق الزمن، رمزها العدل، واستحضار التاريخ المجيد، والماضي التليد بوصفها أدوات الحاضر الزاهر، وبواعث الانطلاق نحو المستقبل الواعد بإذن الله.
أ.د. عبدالرحمن بن سليمان النملة
عميد التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد