رعى صاحب السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس لجنة الدعوة في أفريقيا وذلك مساء الأحد 7 رمضان لعام 1437 هـ افتتاح الملتقى الخامس والعشرين للجنة الدعوة في أفريقيا الذي يُقام تحت عنوان " الانحراف الفكري- أسبابه وعلاجه " وذلك في رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، بحضور عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان ومعالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل ورئيس جهاز التوجيه والإرشاد بالحرس الوطني الدكتور إبراهيم بن محمد أبوعباة ووكلاء الجامعة وعمداء الكليات والعمادات المساندة بالإضافة إلى عدد من مسؤولي الجامعة والمشاركين بالملتقى.
حيث أقيم حفل خطابي بهذه المناسبة استهل بالقرآن الكريم تلاه الطالب بالمعهد العالي للقضاء هاشم جابي، ثم ألقى فضيلة الشيخ الدكتور هارون المهدي ميقا من جمهورية مالي خريج جامعة الإمام في كلية اللغة العربية قسم البلاغة والنقد كلمة ضيوف الحفل جاء فيها فإني أشكر الله جل وعلا أولاً على أن يسر لنا في بلاد الخير بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، حضور هذا الملتقى الخامس والعشرين الذي يجمع نخبة من دعاة افريقيا الذين نهل جلهم من مناهل المعرفة في الجامعات السعودية على أيدي علماء وأساتذة أجلاء تلقوا منهم علما نافعا في جميع التخصصات الشرعية التي أهلتهم لحل راية الدعوة الإسلامية.
هذا كله بفضل الله تعالى ثم بفضل حكومة المملكة العربية السعودية ، التي أخذت على عاتقها نشر العقيدة الإسلامية الصافية على منهج سلف الأمة، وإني من هذا المنبر لأرفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلى هذا الحكومة الرشيدة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين وولي ولي عهده – حفظهم الله – وذلك نيابة عن إخواني الدعاة وبالأصالة عن نفسي داعيا الله العلي القدير أن يديم نعمة الأمن والإيمان والرخاء على هذه البلاد الطيبة المباركة، مهبط الوحي وقبلة المسلمين.
ولا يفوتني أن أشكر صاحب السمو الأمير الدكتور / بندر بن سلمان بن محمد آل سعود رئيس اللجنة على اهتمامه وجهوده الدعوية لترسيخ دعائم الدعوة الإسلامية في إفريقيا على منهج سلف الأمة، فجزاه الله خير الجزاء على هذه الجهود.
ولا أنسى أن أزف شكري وشكر إخواني ضيوف اللجنة والمسلمين في إفريقيا لعلماء المملكة العربية السعودية، ونحن نتشرف بحضور أحد كبار علمائها، على ما يبذلونه من جهود لتبصير المسلمين بشؤون دينهم، داعيا الله تعالى أن يزيد في أعمارهم ، ويبارك في جهودهم ، ليكونوا سندا للمسلمين وعزا للإسلام.
واسمحوا لي أيها الحفل الكريم أن أشكر جامعتي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي نهلت من علومها وتخرجت فيها، فأسأل الله أن يكتب لهذه الجامعة التمكين والتطور والازدهار؛ لتستمر في رفع راية العلم والمعرفة على منهج هذه البلاد المباركة.
أما اللجنة التي تقوم على هذا الملتقى منذ خمسة وعشرين عاما، فأقول لها إن الدعوة إلى الله تعالى من أجل الأعمال وأزكاها وأحبها إلى الله تعالى وأعلاها، لا يختص الله بها إلا من يحي من عباده ، فهم من أنصار دين الله تعالى فكم من ضال تائه قد هدوه، فهم يجاهدون بالقرآن السنة جهادا كبيرا، ويردون تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وتحريف الغالين.
وقارتنا إفريقيا تعاني من غزو مكثف من أصحاب العقائد الباطلة الذين يستهدون الشعوب الإفريقية في أعز ما تملك، ومن أعظم وسائل الرد عليهم دعم الدعاة الأفارقة في تأسيس طلاب المنح من إفريقيا، فمنذ أعوام طويلة تخصصت هذه اللجنة المباركة في الدعوة في إفريقيا فأقامت العديد من اللقاءات الرمضانية السنوية وشارك فيها أعداد كثيرة من الدعاة حيث تعارفوا وتدارسوا وشجع بعضهم بعضا.
حيث أقامت اللجنة المباركة العديد من الدورات العلمية لأساتذة العلوم الشرعية واللغة العربية في بلدانهم، وأنجزت المخيمات الطبية التي اشتهر اسمها ولاح نجمها وكشفت وعالجن عشرات الآلاف من المرضى، وألفت وطبعت مناهج العقيدة بأسلوب يناسب البيئة الإفريقية لتفيد بها مئات المدارس، ومن أعمالها الجليلة العظيمة الفائدة المسابقة الثقافية العلمية التي تجوب إفريقيا كل عام منذ ثمانية أعوام، لتصحح عقائد الناس ومفاهيمهم وتقطع الطريق على كل ضال مبتدع، وكانت مميزة بجوائزها المخصصة للفائزين والتي كان على رأسها حج بيت الله الحرام، وهذه أعظم جائزة يحلم بها المسلم الإفريقي، ومرورا بالملتقيات الخارجية التي دخلت عامها السابع وكان لها أكبر الأثر في جمع الدعاة على كلمة سواء، وتوحيد صفهم، وغير ذلك من جهود اللجنة وثمارها، ولولا خشة الإطالة لسردت قائمة من إنجازات اللجنة ودورها في قارتنا في عمرها الذي تجاوز ربع قرن.
وبين الدكتور هارون أن لإدراك اللجنة والقائمين عليها لخطورة الانحراف الفكري وما تمخض عنه من حركة وجماعات متطرفة شوهت صورة الإسلام ، وأحدثت فتنا عظيمة في أوساط الأمة الإسلامية، وتسببت في الاحتزاب والاقتتال بين أبناء الملة الواحدة ، وجرأت أعداء الأمة ليتدخلوا في خصوصيات الأمة الإسلامية وبلدانها، ويسعوا لتشويه هويتها وغزو أجيالها وتجفيف منابع الخير فيها بحجة مكافحة الإرهاب لذا فقد وفقت اللجنة في اختيار موضوع هذا العام لمعالجة هذا الأمر الجلل إذا رأت أن يكون الموضوع ( الانحراف الفكري – أسبابه وعلاجه ) بحيث يتدارس الضيوف وهم يمثلون معظم أقطار القارة أسباب ذلك ويتواصون في سبل معالجته حماية للأجيال المسلمة وسعيا لتخفيف أثاره وقد قام كل ضيف بإعداد بحث عن موضوع الملتقى ركز فيه على واقع بلده والوسائل التي انتهجها العلماء والدعاة لتحصين الناس من الانحراف والوقوع في حبائله .
وأشار إلى اصطفاف الدعاة بمؤسساتهم وجمعياتهم بجانب المملكة العربية السعودية وسعدوا بمواقفها ووقوفها أمام المد الصفوي الذي كان يستهدف تطويق المنطقة التي هي مهوى أفئدتنا وأفئدة من وراءنا من المسلمين ويسعى لإحداث الفتن والنزعات والأخلال بالأمن فامتدت يد الحزم للوقوف في وجه هذا الغزو حماية للأمة وحفظا لسلامة معتقدها وإنقاذا للأجيال القادمة من براثن هذا المد الذي ما حل في مكان إلا وأثار فيه الفتن فجزى الله قادة هذه البلاد المباركة خيراً على مواقفهم التاريخية التي أثلجت صدور المسلمين الموحدين في كل مكان .
وبعدها ألقى معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل كلمة أكد من خلالها على ما تقدمه المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز وأبناءه من بعده في دعم الدعوة ورجالتها ليبينوا للناس المنهج الصحيح والعقيدة السليمة مثمناً جهود خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في الدعوة الإسلامية والوقوف مع الدعاة في كافة بلاد العالم ويأتي هذا الملتقى جزءاً من دعم ولاة الأمر حفظهم الله كم قدم شكره لرئيس لجنة الدعوة في أفريقيا الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود على رعايته لملتقى لجنة الدعوة في أفريقيا ومشاركته في جلسات الملتقى وتقدم توجيهاته للدعاة في أفريقيا ومناقشتهم حول برامجهم وخططهم في الدعوة ولمعالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان على على حضوره ولدعمه للملتقى الخامس والعشرين .
كما أشار إلى موضوع الملتقى الانحراف الفكري أسبابه وعلاجه بأنه موضوع هام وخصوصاً في هذا الوقت مؤكداً على ضرورة لزوم جماعة المسلمين، الذي هو أمر واجب بشريعة الله، دلت عليه الأدلة الواضحة الصريحة القاطعة من الكتاب والسنة، منها قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، وفي السنة قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال).
وحذر من الوقوع في الفتن والاندفاع خلف دعاتها أو التأثر بشبهاتهم، مستشهداً على ذلك بما جاء في حديث حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه، الذي قال فيه: "كان الناس يسألون الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم السلام عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك".
وأضاف: "على المسلم أن يتبين المنهج الحق الذي جاء به الكتاب والسنة، ففيهما المنهج الشرعي للتعامل مع الفتن، والاعتبار بما ورد عن صحابة رسول الله صلى الله وعليه وسلم، مشيراً إلى أنه في وقت الفتن وأيام المحن تضيق النفوس وتضطرب المناهج ويختلف الناس في مواقفهم منها، فهي سنة إلهية، وعلى المسلم أن يتعرف على الفتن ويعرف المنهج الشرعي للنجاة منها لئلا يسقط فيها، وهي نوعان فتن الشبهات والشهوات، فالأولى أشد خطراً وضرراً".
ثم جاءت كلمة عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ صالح الفوزان، التي حذر فيها من خطر الانحراف الفكري وبين بأن الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هو خير وسيلة لمعرفة كيفية التعامل مع هذا الانحراف, كما دعا العلماء إلى الوقوف أمام الانحراف الفكري وبيان أضراره على الناس والتحذير منه.
وحث الشيخ الفوزان الجامعات الإسلامية والمدارس إلى تثقيف طلابها وطالباتها ونصحهم وبيان أضرار الانحراف الفكري على أنفسهم وعلى بلادهم وأضرارها المستقبلية على خطط التنمية في البلاد.
كما ألقى راعي الحفل صاحب السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود رئيس لجنة الدعوة في أفريقيا إلى أهمية الملتقى الخامس والعشرين الذي يعقد بفضل الله عز وجل ثم بدعم الحكومة الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله-.
وقال سموه: إن القارة الأفريقية ليست كما يعتقد البعض بأنها منسية، فهذه اللقاءات شاهد على عدم نسيانها، هذه القارة أرشد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت أول هجرة له ولأصحابه للحبشة، ونحن نشكر الأخوة الدعاة في القارة الإفريقية ونقول لهم: نحن معكم في مجال الدعوة، فأنتم امتداد لنا ونحن امتداد لكم، تعلمون الناس المنهج الصحيح والوسطية.
وأشار سموه إلى أن الملتقى الذي بدأت فعالياته في الرياض ستتبعه مناشط وفعاليات أخرى، وستعقد العديد من اللقاءات بينكم وبين علماء هذه البلاد، ونتطلع إلى الاستفادة منها.
وفي نهاية حفل الافتتاح قدم معالي مدير الجامعة هدية تذكارية لسمو الأمير لتشريفه هذا الحفل .
الجدير بالذكر أن اللجنة سوف تستكمل جلسات الملتقى الخامس والعشرين بالقاعة الثقافية بنادي الطلاب بمنطقة إسكان الطلاب حيث يتخلل هذا الملتقى عدد من الفعاليات والنقاشات الهادفة التي تنمي وتوحد دور الدعاة في العالم الإسلامي .