سُفهاء الأحلام بين ذئاب الخوارج ومعتقد أهل السُنة والجماعة

الكاتب :   د. محمد بن سليمان الواصل

بسم الله الرحمن الرحيم 

(سُفهاء الأحلام بين ذئاب الخوارج ومعتقد أهل السُنة والجماعة) 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد : 

  • السُفهاء والتعريف الأشمل: 

  • سَفيه: (اسم)، والجمع: سُفَهاءُ، وسِفاهٌ المؤنث: سفيهة وسَفَائِهُ، وسُفَّهٌ، وسِفَاهٌ. 

  • والسّفهاء هم خِفاف العقول. 

  • "والسَّفَهُ والسَّفاهُ والسَّفاهة: خِفَّةُ الحِلْم، وقيل: نقيض الحِلْم، وأَصله الخفة والحركة، وقيل: الجهل وهو قريب بعضه من بعض، وقد سَفِهَ حِلْمَه ورأْيَه ونَفْسَه سَفَهاً وسَفاهاً وسَفاهة: حمله على السَّفَهِ. 

  • فِرق الضلال : 

إن الفرق التي ضلت عن منهج أهل السنة والجماعة فرق كثيرة لكن شرها وأخبثها هم الخوارج قال الإمام أحمد الخوارج قوم سوء, لا أعلم في الأرض شراً منهم إن الخوارج شر الخلق والخليقة وهم كلاب النار أي يمسخون فيها كلاباً والعياذ بالله رواه ابن ماجه وقد لعنهم الصحابة وقاتلوهم. 

  • التكفير عند الخوارج : 

الخوارج قوم يكفرون المسلمين بالمعاصي والذنوب وينكرون على ولاة الأمر بالقوة والسلاح ومن صفاتهم كثرة العبادة من صلاة وصيام وقراءة قرآن. وقِلة العِلم فلا يفقهون دين الله عز وجل إلا شيئاً قليلاً اغتروا به فرأوا أنفسهم خيراً ممن خالفهم من جمهور المسلمين وأهدى سبيلاً ويغلب عليهم حداثة الأسنان فعلامة من يتبنى رأي الخوارج هم من الشباب الذي يغلب عليهم الحماس دون الحِكمة ومن صفاتهم سفاهة العقول والطيش والخفة والاستعجال . 

  • إخبار النبي عنهم : 

يقول فيهم النبي صلى الله عليه وسلم سيخرج قوم في آخر الزمان حدثاء الأسنان, سفهاء الأحلام, يقولون من قول خير البرية, يقرؤون القرآن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة " متفق عليه . ويقول فيهم النبي صلى الله عليه وسلم " يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء, ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء, ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء, يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم". رواه مسلم  

  • خطر الإعجاب بهم : 

لا ينبغي للمسلم أن يغتر بعبادة الخوارج ولا بحُسن كلامهم فإنهم شر الخلق, يقول الآجري رحمه الله (فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام كان عادلاً أم جائراً فخرج وجَمعَ جماعة وسلَّ سيفه واستحل قتال المسلمين فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن ولا بطول قيامه في الصلاة, ولا بدوام صيامه ولا بحسن ألفاظه في العلم إذا كان مذهبه مذهب الخوارج). 

  • اشتقاق التسمية : 

وسمي الخوارج بهذا الاسم لخروجهم على حكام المسلمين وجماعة المسلمين وذلك أنهم لجهلهم بحقيقة الدين يستنكرون بعض سياسة الحاكم وتصرفاته فيحملهم السفه والطيش على الإنكار عليه ثم يبلغ بهم الغلو إلى تكفيره ثم إذا وجدوا أعواناً تجمعوا وخرجوا على المسلمين بقوة السلاح من باب إنكار المنكر والعياذ بالله وخروجهم لم يقتصر على ظلمة الأئمة وأمراء الجور بل هم في حقيقة الأمر لا يرضون بسلطان للمسلمين براً كان أو فاجراً, فقد اعترض رئيسهم ذو الخويصرة على أفضل الخلق وأعدلهم محمد صلى الله عليه وسلم فحين رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بعض الأموال قسمة لم يستسغها قال اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. سبحان الله من يعدل إذا لم يعدل محمد صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فإذا لم يرض زعيم الخوارج ورأسهم بسياسة محمد صلى الله عليه وسلم.  

  • امتداد الفكِّر : 

لا يُتصور ولا يُظن أن أحفاد وأذناب ذو الخويصرة يرضون بسياسة أحد من بعده , لا والله وجاء في بعض أخبار بني إسرائيل التي تحتمل الصدق أن الخوارج خرجوا على داود عليه السلام في زمانه ذكره كعب الأحبار. ثم إنهم خرجوا على عثمان رضي الله عنه فقتلوه ثم انشقوا على علي رضي الله عنه فقاتلوه وقتل منهم جمعاً كبيراً ثم قتلوا علياً رضي الله عنه ومازال خروجهم مستمراً على حُكام المسلمين وجماعتهم وسيبقى خروجهم إلى آخر الزمان حتى يخرج فيهم الدجال كما رواه ابن ماجة عن ابن عمر مرفوعاً وصححه البوصيري. بل إنهم سيقاتلون مع الدجال كما رواه النسائي فلا يرضون بعيسى بن مريم فيما يظهر والله المستعان . 

  • سبيل النجاة من شرِهم : 

إذا علم المسلم أن مذهب الخوارج مذهب باق في الأمة فعليه أن يحذر سبيلهم , وينأى بنفسه عن الأسباب التي تؤدي به إلى الوقوع في حبائلهم وشراكهم. ومن تلك الأسباب البُعد عن علماء السنة والجماعة فمن سعادة المسلم أن يطلب العلم على أيدي كبار العلماء الذين عرفوا بالرسوخ في العلم ولزوم السنة والعمل الصالح , والذين هم امتداد للسلف الصالح ، فأخذ العلم على أيديهم أمان من المزالق بتوفيق الله وفضله.  

  • الخوارج والزُهد في طلب العِلم : 

الزهد في أخذ العلم عنهم من أسباب الانحراف كما حصل للخوارج الأُول فإنهم لم يأخذوا العلم عن الصحابة وإنما أخذوه عن جُهالهم الذين يقرؤون القرآن ويفسرونه بحسب ما ظهر لهم فضلوا وأضلوا والذين وقعوا اليوم في تكفير الحُكام والمسلمين هم من الذين لم يُعرفوا بالأخذ عن علماء السُنة وإنما كانوا أبعد شيء عنهم بل من الذين يرمون علماء السنة بالعمالة والخيانة وكتمان الحق إلى غير ذلك من الألقاب السيئة فلا عجب أن وقعوا فيما وقعوا فيه من التكفير وشق عصا الطاعة . 

  • جهلهم بالشرع : 

إن الجهل بحكم الشرع في كيفية التعامل مع ولاة أمر المسلمين والذي يقوم على السمع والطاعة في المعروف وبذل النصح لهم وستر معايبهم والدعاء لهم بالتوفيق والصلاح وإن جاروا وظلموا , فحين جهل كثير من شباب المسلمين مثل هذا أصغوا للذين يقدحون في ولاة الأمر في المجالس أو المنابر أو الصحف أو المنتديات وغيرها من الخوارج مما أدى إلى إيغار الصدور واشتعالها بالبغضاء لولاة الأمور فسهل على دعاة الباطل تجنيد بعض شباب الأمة ضد بلادهم وأوطانهم وولاة أمرهم . 

  • الشباب المُتدين : 

يجدر التنبيه إلى أنه من الغلط العظيم أن يُفَّهم الشباب الذي سلك طريق الاستقامة أو ما يسمى بالالتزام أن التزامه يعني بغض ولاة أمره فهذه تربية خارجية فليحذر ممن يربيه على تلك الطريقة. بل التزامه بدينه حقاً يفرض عليه أن ينصح لولاة أمره وأن يدعو لهم وأن يريد لهم الخير والصلاح والاستقامة وأن لا ينطوي قلبه على الحقد والبغض لهم لقوله صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم وفي صحيح مسلم وموطأ مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله يرضى لكم ثلاثاً وذكر منها: وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم " . 

  • الزجر من الصحابة : 

لقد كان كبار الصحابة رضي الله عنهم يزجرون عن سب الأمراء والدعاء عليهم وبغضهم ويأمرون بضد ذلك من النصيحة لهم والدعاء لهم قال أنس بن مالك رضي الله عنه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ولا تعصوهم واصبروا واتقوا الله عز وجل فإن الأمر قريب. أخرجه ابن أبي عاصم في السنة. 

  • التمييز بين العُلماء : 

إن مصايد الفكر الخارجي عدم التمييز بين علماء السنة ودعاة الفتنة والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأنه سيوجد في هذه الأمة قطعاً دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها كما في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه وهؤلاء الدعاة هم الذين يجرون المسلم بزخرف كلامهم إلى نقض بيعة ولي الأمر, ولهذا حين سأل حذيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخرج من فتنة دعاة النار قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم . فدل ذلك على أن دعاة النار يريدون من الناس مفارقة إمام المسلمين . 

  • خوارج العصر : 

ارتكب خوارج العصر منكراً عظيماً وجرماً شنيعاً يوم خلعوا البيعة ونزعوا اليد من الطاعة وشقوا عصا المسلمين وألحدوا في بيت الله وحرمه حيث تعاقدوا على الإثم والعدوان وبايعوا من لا تحل لهم بيعته ونحمد الله أن مكن منهم مصداقاَ لقوله صلى الله عليه وسلم (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) إن نقض البيعة بعد أن تتم من قبل أهل الحل والعقد لولي أمر المسلمين من أعظم المنكرات وأقبحها و قد جاء فيه من الوعيد ما تنخلع لمثله قلوب المؤمنين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية متفق عليه وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عُمِّية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه. رواه مسلم وعن نافع رحمه الله قال جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية  أي لما نقضوا بيعته فقال اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية. رواه مسلم. 

أسأل الله بمنه وكرمه أن يكشف ويفضح فكر الخوارج وأن يحفظ شباب المملكة العربية السعودية من هذا الفكر الخطير وأن ينير بصائرهم وأن يهديهم صراطه المستقيم. 

قاله كاتبه 

د. محمد بن سليمان الواصل


التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: