ولاءٌ ونماء

الكاتب :   د. محمد بن سليمان الواصل

بسم الله الرحمن الرحيم

الذِكرى الرابعة للبيعة

(ولاءٌ ونماء)

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، وأمَّا بعد :

عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: «دعانا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم، فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا: أنْ بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله» قَالَ: (إلا أن تَرَوا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم» متفق عليه، وجاء عن عمر رضي الله عنه قوله: «لا دين إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة».

قال شيخ الإسلام رحمَهُ اللهُ : (يجب أن يُعرف أن ولاية أمور الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها). ولهذا كان تنصيب الإمام فريضة في الإسلام لما يترتب عليه من المصالح العظيمة، فإن الناس لا يصلحون بدون إمام يقودهم وينظر في مصالحهم ويدفع المضار عنهم،

وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: (لا يجوز لأحد أن يشق العصى أو أن يخرج عن بيعة ولاة الأمور أو يدعو إلى ذلك فإن هذا من أعظم المنكرات ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء، والذي يدعو إلى ذلك هَذَا هو دين الخوارج إذا شاقق يُقتل لأنه يفرق الجماعة ويشق العصى فالواجب الحذر من هذا غاية الحذر، والواجب على ولاة الأمور إن عرفوا من يدعو إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع الفتنة بين الْمُسْلِمِيْنَ).

وقال العلامة محمد العثيمين رحمه الله: (البيعة تثبت للإمام إذا بايعه أهل الحل والعقد، ولا يمكن أن نقول إن البيعة حق لكل فرد من أفراد الأمة، والدليل على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم بايعوا الخليفة الأول أبا بكر رضي الله عنه ولم يكن ذلك من كل فرد من أفراد الأمة، بل من أهل الحل والعقد، فإذا بايع أهل الحل والعقد لرجل وجعلوه إماماً عليهم صار إماماً، وصار من خرج عن هذه البيعة يجب عليه أن يعود إلى البيعة حتى لا يموت ميتة جاهلية).

وتُجسد الذِكرى الرابعة للبيعة قمراً وضّاءً في سماء وطننا الغالي ، نستذكر من نورها حدثاً فارقاً و عزيزاً على الأبصار والقلوب و هو تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رعاه الله تعالى مقاليد الحُكم ، و هذه الذِكرى تتجلى فيها أعظمُ دلالات المنهج الإسلامي الأصيل الذي قامت عليه أركان دولتنا حيث بايعه الشعب بيعة شرعية على السمع و الطاعة ممزوجة بالإخلاص و الوفاء ، و تتجدد مع حلولها مشاعر السعادة والابتهاج ، وعبارات الولاء ، و معاني الانتماء ، و صور العطاء ، و ألوان التضحية و الفداء.

أربعة أعوام مرت على توليه حفظه الله مقاليد الحُكم في البلاد، ومملكتنا الحبيبة تتوشح بفضل الله ثم بفضل قيادتها الراشدة، ونظرتها الثاقبة، وبصيرتها النافذة، مجدًا يتلوه مجد، وفي كل يوم تتصدر مراكز متقدمة، إقليمياً ودولياً؛ وهذا كله من الدلالات الواضحة على مكانتها في العالم.

إن الإنجازات التي تحققت في العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رعاه الله تعالى قياسًا بالفترة الزمنية البسيطة التي بلغت أربعة أعوام لتثير الدهشة لدى الكثيرين؛ إذ المدة قصيرة، ولكن الإنجازات عظيمة، إنجازات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية، ورياضية، لقد كان ومازال الهم الأكبر لخادم الحرمين الشريفين أن يحقق مزيدًا من الرفاهية والرخاء لشعبه، ومزيدًا من التقدم والازدهار لدولةٍ أصبحت رائدة بين دول العالم.

وما زالت كلماته الشفافة الواثقة المعبرة التي قالها حفظه الله يدوي صداها هنا وهناك، عندما قال رعاه الله:" إن من أولوياتنا في المرحلة القادمة مواصلة دعمنا للقطاع الخاص السعودي، وتمكينه كشريك في رحلة النمو الاقتصادي الطموحة، وأن تصبح بلادكم من رواد الاستثمار في تقنيات المستقبل؛ لتكون هذه التقنيات بعون الله رافدًا جديدًا لاقتصادنا الوطني واقتصاد العالم" هذه الكلمات الجازمة في تحقيقها والمعبرة تعبيراً صريحاً وبليغاً في معانيها، تُعد أبلغ نية على أن لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رعاه الله تعالى يضع الرُقي الاقتصادي وتقنيات المستقبل نصب عينيه، وهي التي تجعل مملكتنا الحبيبة في مصاف الدول المتقدمة؛ لأن تقدم الاقتصاد يُعد وبلا شك المدخل الرئيسي لتقدم أي دولة في مختلف مجالاتها.

إن الإنجازات التي شهدتها مملكتنا الغالية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود رعاه الله لا يمكن اختزالها، أو حصرها في كلمات، بل تحتاج لعدة مجلدات لحصرها ، ويكفي المواطن فخراً واعتزازاً أنه يعيش حياة كريمة إذ فتحت الدولة آفاقاً جديدة وفرصاً مبتكرة لأبناء وبنات هذا الوطن في مجالات وظيفية عدة.

إن من أبرز ما أنجزته حكومتنا الرشيدة هيكلة الاقتصاد، وخصخصة القطاع العام، ودعم القطاع الخاص، وتوطين الصناعات بصورة شاملة، والاعتماد على الكادر الوطني بعد تأهيله وتدريبه ، فكل ذلك تم تطبيقه عبر خطط وبرامج واستراتيجيات واضحة، وعلى أسس ومبادئ علمية وعملية، انطلقت من أسسٍ متينة ، عبر رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020. وقد أشرف على تطبيقها الأمير الطموح صاحب الفكِّر الوقاد ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وذلك انطلاقاً من توجيهات مباشرة من لدن خادم الحرمين الشريفين رعاهما الله.

شكراً لخادم الحرمين الشريفين فشعبك يجدد لكم بمناسبة هذه الذِكرى الولاء والوفاء والطاعة، والشكر موصولٌ لولي عهدكم الأمين، شكراً لكما وأنتما تضعان الوطن والمواطن كأولوية فوق كل الأولويات، وتقديم كل ما من شأنه أن يرفع من شأن مملكتنا الحبيبة حفظكما الله ذخرًا لهذا الوطن الأبي الشامخ .

وبمناسبة حلول الذكرى الرابعة للبيعة أرفع أسمى و أصدق عبارات التهنئة القلبية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، وأدعو الله عز و جل أن يحفظه للبلاد و العباد ، ويُديم عليهما نعمة الصحة و العافية وأن يُطيل بعُمره على عمل صالح، و يُسدد على درب الحق خطاه ، ويجزيه الأجر العظيم ، اللهم احفظ ولاتنا وبلادنا من كل شر ومكروه وأدم اللُحمة والمحبة بيننا إنك على كل شيء قدير وصلى الله وسلم على نبيننا محمد وعلى صحبه أجمعين.

قاله كاتبه

د . محمد بن سليمان الواصل


التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: