الأبعاد المستقبلية للرؤية السعودية

بسم الله الرحمن الرحيم 

( الأبعاد المستقبلية للرؤية السعودية ) 

(1452هـ – 2030م) 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد  

لقد حبانا الله في المملكة العربية السعودية مقوّمات جغرافية وحضارية واجتماعية وديموغرافية واقتصادية عديدة، تمكّننا من تبوء مكانة رفيعة سامية بين الدول القيادية على مستوى العالم. ورؤية أي دولة لمستقبلها تنطلق من مكامن القوة فيها، وهذا ما انتهجه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز عند بنائه لرؤية المملكة العربية السعودية للعام (1452هـ – 2030م) فمكانتنا في العالم الإسلامي ستمكننا من أداء دورنا الريادي كعمق وسند لأمتينا العربية والإسلامية، كما ستكون قوتنا الاستثمارية المفتاح والمحرّك لتنويع اقتصادنا وتحقيق استدامته. فيما سيمكّننا موقعنا الاستراتيجي من أن نكون محوراً لربط القارات الثلاث. 

تعتمد رؤيتنا على ثلاث محاور وهي المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، وهذه المحاور تتكامل وتتّسق مع بعضها في سبيل تحقيق أهدافنا وتعظيم الاستفادة من مرتكزات هذه الرؤية. وتبدأ رؤيتنا من المجتمع، وإليه تنتهي. 

 

  • محاور الرؤية : 

ويمثّل المحور الأول أساساً لتحقيق هذه الرؤية وتأسيس قاعدة صلبة لازدهارنا الاقتصادي. ينبثق هذا المحور من إيماننا بأهمية بناء مجتمع حيوي، يعيش أفراده وفق المبادئ الإسلامية ومنهج الوسطية والاعتدال، معتزّين بهويتهم الوطنية وفخورين بإرثهم الثقافي العريق، في بيئة إيجابية وجاذبة، تتوافر فيها مقوّمات جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، ويسندهم بنيان أسري متين ومنظومتي رعاية صحية واجتماعية ممكّنة.  

ويمثل المحور الثاني الاقتصاد المزدهر، نركّز على توفير الفرص للجميع، عبر بناء منظومة تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل، وتنمية الفرص للجميع من روّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة إلى الشركات الكبرى. ونؤمن بتطوير أدواتنا الاستثمارية، لإطلاق إمكانات قطاعاتنا الاقتصادية الواعدة وتنويع الاقتصاد وتوليد فرص العمل للمواطنين. ولإيماننا بدور التنافسية في رفع جودة الخدمات والتنمية الاقتصادية، نركّز جهودنا على تخصيص الخدمات الحكومية وتحسين بيئة الأعمال، بما يُسهم في استقطاب أفضل الكفاءات العالميّة والاستثمارات النوعيّة، وصولاً إلى استغلال موقعنا الاستراتيجي الفريد. ولأن الفاعلية والمسؤولية مفهومان جوهريان نسعى لتطبيقهما على جميع المستويات لنكون وطناً طموحاً بإنتاجه ومنجزاته. 

 ويمثل المحور الثالث من الرؤية على القطاع العام، حيث نرسم ملامح الحكومة الفاعلة من خلال تعزيز الكفاءة والشفافية والمساءلة وتشجيع ثقافة الأداء لتمكين مواردنا وطاقاتنا البشرية، ونهيئ البيئة اللازمة للمواطنين وقطاع الأعمال والقطاع غير الربحي لتحمل مسؤولياتهم وأخذ زمام المبادرة في مواجهة التحديّات واقتناص الفرص. 

وفي كل محور من محاور الرؤية، قمنا بسرد عدد من الالتزامات والأهداف، والتي تمثّل نموذجا ممّا سنعمل على تحقيقه، وتعكس طموحنا بالأرقام. كما سيتّم اعتماد الرؤية كمرجعية عند اتخاذ قراراتنا، للتأكد من مواءمة المشاريع المستقبلية مع ما تضمنّته محاور الرؤية وتعزيز العمل على تنفيذها. إن استدامة نجاحنا لا تكون إلا باستدامة مقومات هذا النجاح، وهذا ما نأمل أن تحققه رؤيتنا التي تنبع من عناصر قوتنا وتقود في المحصّلة إلى استثمار هذه المقوّمات بشكل أكثر استدامة بإذن الله. 

  • إقتصاد مزدهر : 

تُعدّ مهارات أبنائنا وقدراتهم من أهم مواردنا وأكثرها قيمة لدينا، وسنسعى إلى تحقيق الاستفادة القصوى من طاقاتهم من خلال تبنّي ثقافة الجزاء مقابل العمل، وإتاحة الفرص للجميع، وإكسابهم المهارات اللازمة التي تمكّنهم من السعي نحو تحقيق أهدافهم. ولتحقيق هذه الغاية، سوف نعزز قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل متنوعة، كما سنفتح فصلاً جديداً في استقطاب الكفاءات والمواهب العالمية للعمل معنا والإسهام في تنمية اقتصادنا. 

  • تحسين بيئة الأعمال : 

إن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتسهيل تدفق استثمارات القطاع الخاص ورفع مستوى التنافسية، وتهيئة القدرات اللازمة لرفع مستوى الخدمات المقدّمة، وتعديل الأنظمة ذات العلاقة بتسهيل بيئة العمل ورفع كفاءة إنفاذ العقود سيجعل بيئة الأعمال من أجمل البيئات التنافسية . واستثمار الأصول العقارية المملوكة للدولة في مواقع استراتيجية، وتخصيص المواقع الحيوية في المدن للمنشآت التعليمية والأسواق والمراكز الترفيهية، وتخصيص مساحات كبيرة على شواطئنا للمشروعات السياحية، وتخصيص الأراضي المناسبة للمشروعات الصناعية. وتمكين البنوك وغيرها من المؤسسات من مواءمة منتجاتها المالية لتتناسب مع احتياجات كل قطاع، والتي تتراوح بين المنتجات المالية المخصصة للمشروعات الضخمة، والدعم الملائم لاحتياجات الأعمال الصغيرة، وغيرها من المنتجات. وتسهيل واسراع عملية منح التراخيص لأصحاب الأعمال، وسيكون الأثر التنموي للمشروعات هو المرجعية والأساس في ذلك. وتشدّيد تطبيق المعايير العالمية المتّبعة قانونياً وتجارياً، وتهيئة بيئة مشجعة للاستثمار على المدى الطويل. وتسهيل حركة الأفراد والبضائع، بما يجعل التنقل والإقامة أكثر سهولة ويسراً، وتسهيل إجراءات الجمارك في المنافذ كافّة لتحقيق هذا الهدف. ونتيجة لكل ذلك، سيتحقق هدفنا المتمثّل في إيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء، وتعزيز ثقتهم باقتصادنا. 

  • تأهيل المدن الاقتصادية : 

إن المدن الاقتصادية التي تم الإعلان عنها خلال العقد الماضي لم تحقق المرجو منها، وقد توقف العمل في عدد منها، وتواجه أغلبها تحديات حقيقية تهدد استمراريتها. وعملنا على إعادة هيكلة مدينة جازان الاقتصادية لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد عبر التعاون مع شركة أرامكو. وسنسعى لإنقاذ بعض المدن الاقتصادية الأخرى، التي تمتلك المقوّمات اللازمة، عبر السعي للعمل مع الشركات المالكة لهذه المدن على إصلاح وضعها، ونقل بعض المنشآت الحيوية إليها، وسيعتمد ذلك على مدى جاهزية تلك الشركات للتعاون مع الحكومة. ونهدف إلى أن تتمكّن هذه المدن من الإسهام في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات النوعية والكفاءات والمواهب الوطنية والعالمية حسب أولوياتنا الوطنية.  

  • تأسيس مناطق خاصة : 

تأسيس مناطق خاصّة في مواقع منافسة وذات مقوّمات استثنائية. تعتمد على المزايا التنافسيّة لكل منطقة للنظر في جدوى تأسيس مناطق خاصة لقطاعات واعدة، ومنها المناطق اللوجستية والسياحية والصناعية والماليّة وغيرها من أولوياتنا. وستتمتّع هذه المناطق بأنظمة ولوائح تجارية خاصة، وسيكون من شأن ذلك تعزيز الاستثمارات النوعيّة. 

  • رفع تنافسية قطاع الطاقة : 

رفع كفاءة منظومة الدعم الحكومي عبر تعظيم الاستفادة منه بإعادة توجيهه لمستحقيه من المواطنين والقطاعات الاقتصادية. على سبيل المثال، أن توفر الدعم دون معايير واضحة للاستحقاق من أهم الأسباب التي حدّت من تنافسية قطاع الطاقة. وعليه، فإن اعتماد أسعار السوق ستشجع شركات الخدمات الأساسية على زيادة إنتاجيتها وتنافسيتها وتنويع مزيج الطاقة في المملكة العربية السعودية على المدى الطويل، وتحديد معايير واضحة للدعم، مبنية على نضج القطاعات الاقتصادية وقدرتها على المنافسة محلياً ودولياً وحاجتها الفعلية إلى الدعم، دون التأثير سلباً على القطاعات الواعدة والاستراتيجية. 

  • ولي العهد محمد بن سلمان وعالمية المملكة : 

شهد العالم أجمع كيف تعززت مواقف المملكة دولياً، وكيف أصبح حضورها الدولي وتأثيرها ومكانتها الإقليمية والدولية حين انبرى سموه لاتخاذ مواقف شجاعة وواضحة؛ فأسس تحالفات دولية وقادها بجسارة لمواجهة قوى البغي والإرهاب، من خلال حكمته و صلابة بأس مستمدة من إيمانه بالله ثم إيمانه بمكانة هذا الوطن وما يستحقه شعب المملكة الكريم، وكان نتاج ذلك أن تتفاعل القوى الدولية وتتبدل بعض مواقفها لتكون مع المملكة وفي دعم مواقفها العادلة. إن ولي العهد سيكون علامة مضيئة وفارقة في تاريخ التنمية في المملكة؛ حيث قاد سموه المملكة لعقد شراكات دولية استراتيجية على كافة المستويات ، وسجل التاريخ رؤى سموه وخططه التنموية الإبداعية للمدن العصرية والذكية والمتنوعة اقتصادياً وسياحياً كمدينة نيوم وغيرها ودعم سموه لاحتياجات المستقبل في عصر الأمن السي براني و"إنترنت الأشياء" والذكاء الصناعي، والتكنولوجيا الحيوية ودعم ومساندة كل ما يقود المملكة للإبداع والابتكار والتميز والاستعداد للثورة الصناعية الرابعة. 

اللهم احفظ ولاة أمرنا وأدم الأمن والأمان على بلادنا وأدم لُحمتنا واكفنا شر الأشرار وكيد الفجّار ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد . 

جمع وتنسيق 

د . محمد بن سليمان الواصل

عضو هيئة التدريس بالمعهد العلمي في الملز

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

هـ م
التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: