صنائع المعروف تقي مصارع السوء

• جاء في الحديث الذي أخرجه الحاكم وذكره صاحب كنز العمال (6/343) من حديث أنس رضي الله عنه ((صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات)) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/115) رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن وعزاه أيضا إلى الطبراني في الأوسط وذكر ضعفه.
• وحاصل القول أن فعل الخير وصنع المعروف للناس له أثر كبير في حياة فاعله وشواهد ذلك كثيرة في القرآن الكريم والسنة المطهرة من ذلك قوله تعالى ((فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)) وقوله جل ذكره: ((وافعلوا الخير لعلكم تفلحون))، فعلق سبحانه الفلاح على فعل الخير، والفلاح هو: الفوز بالمطلوب والظفر بالمرغوب والنجاة من المكروه والمرهوب، وأعظم طرق الفلاح الإخلاص لله تعالى في العبادة والإخلاص لله في السعي في نفع الناس وإيصال الخير إليهم، فمن وفق لذلك فله القدر الكبير من الحفظ والسعادة والحظ الوافر من النجاح والفلاح.
• فمن عمل خيراً وسعى إلى إيصاله للآخرين فلن يعدم فضل عمله وثمرة نفعه في حياته فقد يفرج الله له به كربة ويدفع عنه سوءاً وكم من إنسان وقع في ضائقة وفي شدة وعُسر فجاءه الفرج من الله، وكم من إنسان أشرف على الهلاك فنجاه الله منه بسبب ما قدم من عمل صالح وفعل نافع لإخوانه.
• ومن الدلائل الواضحة على فضل صنائع المعروف وأعمال الخير والبر ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: ((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين)) أخرجه مسلم (1914) من حديث أبي هريرة وفي رواية لمسلم أيضا: مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: ((والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأُدخل الجنة)) وفي رواية أخرى له وهي عند البخاري (652) ((بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له))، إنها صنائع المعروف التي تفعل الأعاجيب وتقي مصارع السوء وتدفع الهلكات.
• والإنسان لا يحقر من المعروف شيئا ولو كان عملاً يسيرا يقدمه لغيره فرب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية، فاالأول كان مصحوباً بنية خالصة وعزيمة صادقة، والثاني لم يكن كذلك، فإذا قدم الإنسان لغيره من صنائع المعروف ولم يرد إلا الأجر والثواب من الله ادخر الله له ثوابها ودفع عنه من الشر ما يؤذيه وأعطاه ما يسره ويرضيه في وقت يكون هو في أشد الحاجة إنه لطف الله بعباده.

• وقد رأينا ما حصل للأمير محمد بن نايف من ذلك الاعتداء الآثم الذي كان الغالب عليه الهلاك فقد جاءه الفرج من الله وأهلك الله من تربص به وأنقذه الله من موت كان محققا وكفاه شر ذلك التخطيط الماكر والعمل الآثم وهذا يعطينا العبرة والعظمة وأن الله تعالى لطيف بعباده يحفظهم من كل مكروه ينزل بهم، ومن لطفه سبحانه أن هدى عباده إلى فعل الخير وأعانهم على فعله وهيئ لهم الأسباب التي تعينهم على أدائه، وقد أخبر الله تعالى أنه تولى الدفاع عن الذين آمنوا في قوله جل ذكره: ((إن الله يدافع عن الذين آمنوا)) ومن دفاعه عنهم حفظهم من نزول المكاره بهم مما لا يستطيعون دفعه عن أنفسهم.
• وقد كان الأمير محمد بن نايف صاحب الأيادي البيضاء في فعل الخير وصنع المعروف وتقديم العون والمساعدة وخاصة مع أولئك الأشخاص الذين وقعوا حبائل للفكر الضال فقد كان يرعاهم أعظم الرعاية ويسعى في إصلاحهم ويؤازرهم في خصوصياتهم يحرص على إيصال النفع لهم وإبعادهم عن كل ما يؤثر على أفكارهم أو يضلل عقولهم لأنه يشعر أن هؤلاء هم من أبناء الوطن فصلاحهم صلاح لأسرهم ووطنهم فَقَدَّم لهم جهده وجاهه ووقته وماله ومع ذلك تربصوا به ودبروا له المكايد ولكن الله لا يضيع من أحسن عملاً كما قال الله تعالى ((إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً)) وقال سبحانه ((إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا)) فجاءه لطف الله وجاءه الفرج من الله فأنقذه الله ومن معه وجعل الدائرة والهلاك على من تربص به إنها آية عجيبة تستدعي النظر والتأمل في هذا الموقف وتعطينا دلالة واضحة أن من كان مع الله مخلصاً صادقاً كان الله معه في كل أحواله وحياته ومن كان مع الناس فإن الناس يفرون منه ويضيعونه.
والله ولي التوفيق
وكيل الجامعة
                                                            د. عبدالله بن عبدالرحمن الشثري
هـ م
التقييم:

شكرا على تقييمك
تاريخ أخر تحديث:
هل أعجبك محتوى الصفحة *
السبب
السبب
تاريخ أخر تحديث: