وفي نفس العام 1394هـ صدر مرسوم ملكي بالموافقة على إنشاء جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وإقرار نظامها الأساسي، واعتبارها مؤسسة مستقلة, وقد طلبت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من المقام السامي ربط المعاهد العلمية بمدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحقيقاً للأهداف التي روعيت عند الإعداد للجامعة ورسالتها السامية، فصدر قرار مجلس الوزراء بربط المعاهد العلمية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إداريًا وفنيًا، الأمر الذي حقق للجامعة ميزة الانفراد بالسلم التعليمي الذي يمكنها من الإشراف على بناء الإنسان علميًا وتربويًا من خلال أطول مدة تعليمية في مراحل التعليم المتوسط والثانوي والجامعي والعالي, إن إنشاء الجامعة وربط المعاهد العلمية بها يعد دَفعة لهذه المعاهد؛ إذ خَصَّت الجامعة المعاهد العلمية بإدارة مستقلة عن التعليم الجامعي في الجامعة، تسمى إدارة المعاهد العلمية, وقد حولت هذه الإدارة إلى وكالة مساعدة للمعاهد العلمية.
وفي عام 1406هـ أصبحت وكالة الجامعة لشؤون المعاهد العلمية حتى وقتنا الحاضر وبلغ عدد المعاهد التي تشرف عليها سبعون معهدًا في كافة أرجاء الوطن الغالي, لتواكب في مسيرتها التطور الشامل لوحدات الجامعة، ولإعطاء المعاهد العلمية ما تستحقه من المتابعة والتطوير، ولربطها بالنظم واللوائح المعمول بها في الجامعة، ولكي يتاح للمعاهد العلمية الاستفادة من خبرات أعضاء المجالس العلمية فيها, واستمراراً لدعم الدولة للمعاهد العلمية والمحافظة على استقرار العمل بها وعلى السياسة التعليمية للمعاهد العلمية، صدر الأمر السامي الكريم بتاريخ 19 / 8 / 1428هـ بإبقاء المعاهد العلمية مرتبطة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وفي كلمة لسعادة وكيل الجامعة لشؤون المعاهد العلمية د. عبدالله ين ثاني عن المعاهد العلمية أشار فيها " إلى أن المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية هي منابع خير, ومراكز إشعاع, ومنارات هدى, تخرج منها العلماء والقادة والمصلحون والمربون, ولا تزال, ولها دور كبير في التعليم وبناء الإنسان, وهي تمضي بخطوات حثيثة لتقديم تعليم يحقق لطلابها التميز والإبداع والتفوق المعرفي, ويجعل منهم جيلاً صالحًا مستقيمًا عقيدةً ومنهجًا وفكرًا وسلوكًا, وإكسابهم المهارات والقدرات الذاتية التي تمكنهم من تحمل المسؤولية في خدمة دينهم ووطنهم وولاة أمرهم, وهي تحظى باهتمام كبير, وبدعم متواصل, ورعاية جمة من قيادة هذه البلاد الغالية, وعلى رأسها في مقدمتها خادم الحرمين الشريفين, الملك سلمان بن عبدالعزيز, وولي عهده الأمين, صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهم الله ورعاهم -, الداعمة لمكانة هذه الجامعة العريقة ومسيرة إنجازاتها أولاً ولمعاهدها العلمية ورسالتها المباركة، ولكل خطوة من خطواتها نحو التميز والريادة, حتى تظل مواكبة للتقدم العلمي والأكاديمي والحضاري الذي تشهده المملكة العربية السعودية.
وأضاف "د. بن ثاني" وها هي قيادة الجامعة ممثلة في مهندس نجاحاتها، معالي رئيسها الأستاذ الدكتور أحمد بن سالم العامري تضع كل الإمكانات والدواعم المادية والبشرية لهذه المنظومة المتميزة المنتشرة في أنحاء وطننا الغالي، المملكة العربية السعودية، لتبقى كما كانت محافظة على أصالتها ورسالتها وهويتها المتميزة، مع الأخذ بكل معطيات وأساليب التقنية الحديثة، التي تمكنها من مواكبة التطورات والمستجدات.
وفي إطار حرص وكالة المعاهد العلمية على تحسين البيئة التعليمية للمعلمين من خلال إدارتها للإشراف التربوي برؤية تركز على التحفيز والانطلاق من فهم الواقع التربوي وتهيئة البنية الفاعلة في مجال التعليم والتعلم باستخدام الطرائق والأساليب الحديثة، وقد تحقق ذلك ولله الحمد من خلال إعداد الخطط السنوية لبرامج إدارة القيادات التربوية، ومتابعة تنفيذها بعد اعتمادها.
كما تحرص الوكالة على إيجاد البيئة التقنية المتكاملة في المعاهد العلمية وكيفية تعامل المعلمين معها مع الحرص التام على تقويم الأداء للمعلمين وتحديد الاحتياجات التدريبية لهم وفهم المواقف التعليمية والتعلمية وتقويمها لضمان استمرارية فاعلية الأداء مع استخدام الأساليب الإشرافية الداعمة لنجاحها مع ما يمثله الدور الكبير لقيادات المعاهد العلمية في توجيه العملية التعليمية وتطويرها وتحسينها، وتنظيم اللقاءات والاجتماعات الخاصة بالقيادات والمعلمين والاهتمام بقضاياهم لتجويد العملية التعليمية وسيرها في الاتجاه الصحيح تماشيًا مع رؤية قيادتنا المباركة لتكون بلادنا حماها الله في مصاف الدول المتقدمة في التعليم.
ولا شك أن أهم ما يميز المعاهد العلمية مناهجها الدراسية الرصينة التي مرت بعدة مراحل تطويرية ومازالت مستمرة حيث تعمل الوكالة من خلال إدارتها العامة لتطوير الخطط والمناهج على تطوير خطط ومناهج المعاهد العلمية بما يحقق تطلعات ولاة الأمر رعاهم الله وبما يحقق أهداف وسمات الجامعة والمعاهد العلمية، وبما يتناسب مع متطلبات التربية الحديثة والتنشئة السليمة؛ التي تميزت بها مخرجات المعاهد العلمية من خلال ما تقدمه من رعاية وتأصيل وغرس للقيم الوطنية، وتعزيز الهوية للناشئة؛ وفق رؤيتنا المباركة رؤية المملكة 2030.
حيث إن سر تميز مخرجات المعاهد العلمية منذ نشأتها هي مناهجها ومقرراتها الدراسية، حيث تظهر قوة مناهجها في اعتمادها على الكتب والمراجع الأصيلة والثمينة، وأثرها الذي لا يخفى على أحد من خلال ما يكتسبه طلاب المعاهد العلمية من ثراء وأصالة وقوة وعمق في علوم الشريعة واللغة العربية والعلوم الاجتماعية والطبيعة واللغة الإنجليزية والحاسب الآلي.
مما يجعل مخرجات المعاهد العلمية تحقق تميزًا ملحوظًا وشاهداً لها بالاهتمام بكل ما يعزز بناء الشخصية الإسلامية والعربية التي تعكس رسالة الإسلام في نشر العلم والسلام والدعوة إلى الله جل وعلا ونبذ الفرقة، والاعتصام بالله ولزوم الجماعة وطاعة ولاة الأمر أعزهم الله.
كما خرجت مقررات المعاهد العلمية لهذا العام بشكل استثنائي حيث حملت شعار مجموعة العشرين 20G مع تضمينها عدد من المواضيع والدروس وذلك إشارة لدور الريادي للمملكة العربية السعودية وإبراز جهود القيادة الحكيمة حفظها الله في رئاسة القمة لمجموعة العشرين، وتأكيداً على المكانة العالمية للمملكة العربية السعودية ليدرك الطالب أهمية الدور والحدث والمكانة.
لتكون المعاهد العلمية محققةً لأهم مرتكزات رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في الاعتزاز بالهوية الوطنية وتعزيز الشخصية السعودية، وتعزيز تراجم العلماء وجهود المدرسة الفقهية من هيئة كبار العلماء لربط الطلاب بالقدوة وتعزيز ثقتهم بالعلماء الموثوقين بهم علمًا ومنهجًا ووسطيةً, كما حصرت الوكالة على رعاية ودعم الأدب السعودي وأدب المرأة والاستشهاد برموز ورواد الأدب السعودي من خلال دراسة عوامل نهضته ورعايته والاهتمام به، والانطلاق من العمق العربي والإسلامي لهذه البلاد أدام الله لها العز والرخاء والسؤدد، وتحقيق الأهداف التنموية من خلال تطوير المناهج الدراسية و تحسين عمليات التعليم والتعلم ، وتعزيز نظام التعليم ، والتهيئة لسوق العمل ، وتطبيق أفضل الممارسات والمعايير التربوية الحديثة في ما يتعلمه الطالب من مهارات في شتى المجالات وتحقيق ما يدعم برامج الرؤية المباركة كإقرار مادة التربية البدنية والثقافة الصحية ؛ التي تنطلق من برنامج تحسين نمط الحياة ، ليكون مجتمعنا حيوياً، ولندعم مبادرات الرؤية المباركة بكل مرتكزاتها وأهدافها السامية التي تدعم التعليم بكل قطاعاته.
فجاءت البرامج والخطط والآليات لتعزيز وتحقيق هذه الأهداف، ويتأكد ذلك في الجهود التربوية لمعلمي المعاهد العلمية، الذين أدوا مهامهم التعليمية باقتدار، في مختلف الظروف، ومن ذلك مشاركة معلمي المعاهد العلمية وقياداتها أثناء فترة تعليق الدراسة لضمان وسلامة أبنائنا الطلاب أثناء جائحة كورونا، والتزامهم بأدوارهم التعليمية، وتأدية واجباتهم التربوية بمسؤولية مكنتهم من تعزيز القيم الوطنية، وإرساء المبادئ التي تبني الجيل بناء علميًا ومعرفيًا وأخلاقيًا، للوصول بهم إلى مواطَنةٍ مسؤولة وواعية، وقيم أصيلة راسخة، ومواكبة سريعة ومتوازنة للتعليم وأوعيته وفرصه وأساليبه المبتكرة.
ومع استمرار جائحة كورونا أطلقت وكالة جامعة الإمام لشؤون المعاهد العلمية ممثلة في الإدارة العامة لتقنيات التعليم مع بداية العام الدراسي "منصة معهدي" لإدارة التعلم الإلكتروني في المعاهد العلمية، وذلك ضمن استعداداتها المبكرة لضمان استمرارية العملية التربوية والتعليمية عن بعد في ظل انتشار هذا الوباء على مستوى العالم، وتعويض الفاقد التعليمي لأبنائنا الطلاب، والمشهد التعليمي الراهن عبر المنصات التعليمية والرقمية والحراك المستمر الذي يؤكد دعم القيادة وحرص وزارة التعليم بقيادة معالي الوزير على تذليل الصعوبات وتمكين التعلم من خلال المشاريع التقنية الرائدة، والجامعة ولله الحمد خطت خطوات متقدمة ومتميزة منذ بداية الجائحة بدعم معالي رئيس الجامعة فهيأت التعليم المتزامن والمباشر لمنسوبي المعاهد العلمية من خلال الفصول الذكية بأكثر من 260 ألف فصل افتراضي على المنصة، كان للمعلم فيها الدور الرئيس في نجاح هذه التجربة المميزة مع تفاعل ملحوظ من أبنائنا الطلاب، وتحوي المنصة على أكثر من 25 نظامًا متكاملاً يلبي احتياجات العملية التعليمية من الفصول الذكية والمكتبات التعليمية الإثرائية وغرف النقاش وإدارة الواجبات والاختبارات والمكتبة الرقمية التفاعلية، والعديد من الخدمات النوعية التي تحقق الأهداف المنشودة بإذن الله، دون تسجيل أي مشاكل تقنية تذكر ولله الحمد، وهذا ما يؤكد الجهد المضاعف والعمل المؤسسي التكاملي من خلال المنصة التي تنهض بدور رئيس بين أطراف العملية التعليمية، وتسعى إلى تحقيق أهدافها التي تلامس ذروتها نحو تحقيق تطلعاتنا في القبض على شعلة التحول الرقمي والدخول من أفقه الأوسع، نحو مجتمع المعرفة.
وما تحقق من ثمار هذا التحول في التعليم عبر المنصات التعليمية والتقنية من بناء مهارات ديناميكية لدى طرفي العملية التعليمية كمهارة التعامل المباشر مع التقنية بوصفها العنصر الأساس في التلقي والمشاركة. ، وبناء شخصية المتعلم عن بعد بمنحه الثقة في تحمل مسؤولية التعلم النشط واستمراره، وإكساب المتعلمين مهارات البحث، والاكتشاف، والنقد المعرفي، في مناخ تشويقي تفاعلي متنوع الخيارات ليكسب الطالب الخبرة، وليتمكن طرفا العملية التعليمية من إيصال المعلومات والخبرات عبر طرق تدريس تفاعلية حديثة، والسعي نحو توفير الجو التعليمي ذي الخبرات المتينة لتحقيق واقعية التعليم دون فواصل مكانية وزمانية، ومن الثمار التي نلمسها نضج الوعي بالتقنية، بوصفها آلية من آليات الدافعية للمتعلم، نحو التحليل والفهم والتطبيق للمواد التعليمية.
والمعلم هو الركيزة الأساسية للعملية التعليمية، وقد كان له الدور الأكبر في ظل الظروف الراهنة المتمثلة في جائحة كورونا وما أعقبها من اعتماد العديد من الاستراتيجيات التعليمية الحديثة لضمان استمرار العملية التعليمية هذه المرحلة التي تتطلب تغييرًا جذريًا في أساليب التعلم والتعليم وطرق المتابعة والتقويم وتوفير بدائل تعليمية تضمن الاستمرارية والنجاح للعملية التعليمية في جميع الظروف؛ ولاشك أن منصة معهدي ساهمت بشكل كبير في توفر أنموذجًا مميزًا للتعليم عن بعد ارتكزت فيه على مبدأ التفاعل بين المعلم وطلابه وتم توجيه المعلمين باعتماد معايير جديدة لتقويم الطلاب في جميع المواد الدراسية بالتنسيق مع الإدارة العامة للقياس والتقويم والمشرفين التربويين لجميع التخصصات تتناسب مع هذه المرحلة لضمان تشجيع الطالب على الحضور والمشاركة والتفاعل والبحث وتنمي جوانب الإبداع لدى أبنائنا الطلاب والتفكير مع وجود أيقونة خاصة في المنصة للاختبارات ومن مميزاتها حفظ أسئلة الاختبارات وأرشفتها مما يضمن وجود بنك أسئلة متنوعة تتيح للطالب الرجوع لها وتنمي ارتباطه بالمادة مع إعطاء المعلم الصلاحية والمسؤولية الكاملة لتقويم طلابه في جميع الجوانب المعرفية والمهارية والسلوكية من خلال أدوات قياس عادلة وواضحة للطالب والمعلم وولي الأمر.
وقد حرصت الوكالة من خلال إدارتها المتخصصة في ضمان الجودة على مواكبة المتغيرات التي حدثت على الساحة التعليمية بعد جائحة كورونا فعملت جاهدة على بناء معايير ومؤشرات تقيس جودة العملية التعليمية عن بعد واشركت جميع الشرائح الاجتماعية المستفيدة من التعليم وهم الطالب والمعلم وولي الأمر لقياس مدى أثر العملية التعليمية عن بعد بهدف الارتقاء بنواتج التعلم والتأكد من أن مسيرة التعليم عن بعد لا تقل كفاءة عن التعليم الحضوري وأن التعليم تجاوز اسوار المعهد ليصل الى الطالب في كل مكان بطريقة عصرية لا يتخللها قصور أو أضعف.