عن سلمان الخير والوفاء والعطاء أتحدث

عن سلمان . .  الخير . .  والوفاء . .  والعطاء . . أتحدث
 
لا يُخلد التاريخ إلا العظماء من الرجال الذين سطروا أيامه ولياليه بأعمال جليلة عظيمة رائدة يرجع نفعها ويعود أثرها على الحياة كلها ما بقيت ثم يكون الجزاء الأوفى عليها من الله إذا قام الخلق بين يديه للحساب ليوفيهم أجورهم على تلك الأعمال . .
وهنا لنا وقفه عند أحد تلك العظماء الأوفياء الأجلاء الذين  نذروا أنفسهم وسخروا أوقاتهم لخدمة دينهم ووطنهم وأمتهم والإنسانية جمعاء. .
إنه صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب سلمان بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - يحفظه الله - أمير الغوث , ذو الأيادي البيضاء الناصعة والأعمال الخالدة والمآثر الطيبة الصالحة الذي نشأ وترعرع وتربى في بيت والده الملك المؤسس والقائد الموحد صقر الجزيرة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه وقدس روحه ونور ضريحه - حيث اعتنى به هذا الأب الحنون والمربي المحنك عناية خاصة إذ غرس فيه حب الدين والوطن والعلم والعناية بكتابه العظيم وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين . . حيث أدخله مدرسة الأمراء بالرياض التي أنشأها الملك المؤسس - رحمه الله - عام 1356 هـ من الهجرة لتعليم أبنائه وتدريسهم . . حيث درس فيها سموه العلوم الدينية والعلوم الحديثة وتوج ذلك كله بحفظ كتاب الله كاملاً في هذه المدرسة الذي كان يديرها فضيلة الشيخ عبد الله خياط إمام المسجد الحرام – رحمه الله -
 هذه النشأة الطيبة الصالحة تعطينا دلالة واضحة قاطعة على ما يتحلى به سموه الكريم من عظم السجايا وحسن الخلق والأدب وحب العلم والعلماء وحب الكتاب والسنة . . وعلى اتساع مداركه منذ صغره مما مكنه من الاضطلاع بكافة المسؤوليات التي أنيطت به بجدارة واقتدار وحنكة وحكمة وبعد نظر ..

فنشأ متأسياً بوالده في أقواله وأفعاله وأخلاقه وسائر تصرفاته . . ولا غرابة بعد ذلك أن ينجح ويبدع ويتميز في جميع ما أوكل إليه من أعمال وتولاه من مهام وتقلده من مناصب ووظائف عليا . . وأن يكون سموه الكريم دائما هو المستشار الشخصي لكل الملوك وأولياء العهد من آل سعود الكرام البررة فضلاً عن كونه أمين سر العائلة الملكية الكريمة . .
هذه النشأة الطيبة والسيرة الحسنة المباركة التي أشرنا إلى شيء منها لسموه الكريم لا شك مكنته أيضاَ من تولي أمارة منطقة الرياض بجدارة واستحقاق منذ ما يقرب من 50 عاماً وتحديداً منذ 25/8/1374هـ .. نذر فيها نفسه لخدمة دينه ووطنه ومليكه بكل ما أوتي من جد واجتهاد ووقت وعلم وخبرة ودراية .. وبذل فيها الغالي والنفيس وأمضى - حفظه الله - زهرة شبابه وأفضل سني عمره في خدمة هذه المنطقة بخاصة ودرتها مدينة الرياض بجهد دؤوب ، وعمل مخلص متواصل، وسعي حثيث لا يكل ولا يمل حتى غدت الرياض عروس المدائن ودرة البلاد وأكثرها عدة وعدداً وأوسعها علماً وثقافة وأرقاها نظافة وجمالاً وبهاء وحسناً . .
ونعجب أن عمل سموه لم يقتصر على ذلك العمل الرسمي فحسب بل نراه أخذ بمجامع نفسه وجوارحه إلى العمل الإنساني الخلّاق حيث أنشأ وترأس وأسهم في العشرات من الهيئات واللجان والجمعيات الخيرية والإنسانية ليس في المملكة فحسب بل تعدت إنسانيته وخيريته لتشمل العالم العربي والإسلامي والدولي على حد سواء حيث تبرع سموه من ماله الخاص فضلاً عن توجيهه بجمع التبرعات لمساعدة المحتاجين والمتضررين والمنكوبين  من آثار الزلازل والسيول والكوارث في العالم كله , وبخاصة العالم العربي والإسلامي .. ناهيك عن دعمه الخاص لقضايا العالم العربي والإسلامي ومناصرته للمسلمين في كل مكان ، وبخاصة قضية العرب والمسلمين الأولى قضية فلسطين ..
هذا وإن مما يظهر ويبرهن ويبرز حب سموه لمنطقة الرياض بخاصة ما نجده من حرص واهتمام ودعم وعناية بتطويرها ورقيها ونموها علمياً ومعرفياً لتكون واحدة من أبرز وأميز مدن العالم ثقافة ومعرفة وفكراً وعلماً .. وقد تمثل ذلك في تلك العناية والرعاية والدعم لواحدة من جامعات الوطن المتميزة ألا وهي ( جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ) .. حيث عايش سموه الكريم هذه الجامعة منذ اللبنة الأولى لتأسيسها والتي وضعها جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - والتي تمثلت في إنشاء المعهد العلمي بالرياض سنة 1370 من الهجرة النبوية ، وعهد بالإشراف عليه لسماحة الوالد الشيخ محمد بن إبراهيم آل شيخ - يرحمه الله - ثم معهد إمام الدعوة ، ثم تتابع إنشاء معاهد جديدة في منطقة الرياض وغيرها من أنحاء المملكة .. ثم أنشئت كلية الشريعة بالرياض 1373 هـ والتي كان افتتاحها بمثابة بداية التعليم الجامعي بمدينة الرياض إلى أن صدر المرسوم الملكي الكريم م/50 المبني على قرار مجلس الوزراء رقم 1100 وتاريخ 17/8/1394هـ للموافقة على إنشاء جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي كان لسموه الكريم اليد الطولى والسبق المعلى والأثر البارز والدور الرائد في إنشاء المدينة الجامعية لهذه الجامعة العريقة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية منذ أن كان المشروع فكرة حيث كان سموه الكريم يقوم بنفسه مع بعض المسؤولين بالبحث عن أرض مناسبة لإقامة المشروع عليها حتى وقع الاختيار على الأرض التي أقيم عليها مشروع المدينة الجامعية في مدخل مدينة الرياض للقادم من مطار الملك خالد الدولي .. كما قام سموه الكريم بتذليل الصعوبات والمعوقات التي رافقت ذلك المشروع الجبار .. وما زال سموه - وفقه الله وألبسه ثياب الصحة والعافية - يرعى هذه الجامعة منذ تلك النشأة المباركة لها حتى أصبحت على ما هي عليه الآن إذ تعد واحدة من أرقى الجامعات في العالم وأكثرها تطورا ورقيا وتقدما .. فضلاً عن كونها أفضل جامعة على الإطلاق في مجال تعليم العلوم الشرعية والعربية والإنسانية .. بشهادة كثير من العلماء والمحللين والمتابعين لمسيرة التعليم العالي ..ناهيك عن تميزها الرائد في مجال البحث العلمي في مجال العلوم الشرعية والتقنية والخدماتية وغيرها من العلوم التي تتباناها الجامعة والتي هي من صلب رسالتها وضمن مهامها وأهدافها.. وها نحن نراه - وفقه الله - لا يدع مناسبة ولا منشطاً من مناشط الجامعة ومعاهدها أو فعالية من فعالياتها إلا ويشارك فيه بنفسه أو من ينوب عنه .. مما أعطى الجامعة تميزاً وريادة وقبولاً وانتشاراً وانضباطاً ووسطية واعتدالاً.. ومن ثم فهذه الجامعة كما غيرها من مؤسسات هذا الوطن التعليمية والتقنية والتنموية لا سيما في منطقة الرياض مدانة لهذا الأمير الوفي المحبوب مرتبطة به تسير وفق توجيهاته وآرائه السديدة بما يحقق تطلعات ولاة أمر هذه البلاد وقيادتها الحكيمة وآمالهم التي تهدف إلى النهوض بهذا الوطن وخدمة مواطنيه وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - وفقهم الله - .. والجميع في هذه الجامعة وكافة معاهدها ووحداتها يلهجون بالدعاء ويرفعون أكف الضراعة إلى الله أن يحفظ قادة هذه البلاد ويلبسهم ثياب الصحة والعافية ويمتعهم بالسعادة والسرور، وأن يديمهم ذخراً للبلاد والعباد ، ويجنبهم الأمراض والأسقام جليلها ودقيقها وسيئها وأن يجزيهم خير الجزاء على ما قاموا به من أعمال جليلة سديدة في سبيل النهوض بهذا الوطن وتنميته وإسعاد مواطنيه وكل وافد إليه ومقيم فيه , وإننا ونحن نبتهج في سلامة وشفاء صاحب سمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز بعد ما ألم بسموه الكريم من عارض صحي جعله الله كفارة وطهوراً له .. لننتظر تلك اللحظة التي يعود فيها سموه الكريم لعرينه وداره ومكتبه ومنطقته التي أحبها وأحبته واحتضنها واحتضنته ونتلهف إلى رؤيته سليماً معافى يمارس مهامه المعتادة بكفاءة واقتدار وحنكة وروية وخبرة ودراية وحذق وفطنة .. كما نتطلع إلى سماع توجيهاته وتسديداته الموفقة التي طالما سعد بها الجميع وأثمرت إنجازات ومبادرات ورقي وتقدم ونماء وسعادة وإنسانية قلما يجود بها غير سلمان الخير والعطاء والوفاء .. حفظ الله سموه الكريم من كل سوء وبلاء ومكروه ، وأبقاه ذخراً لهذا الوطن وعضيدا لإخوانه وكافة أفراد أسرته المالكة  .. وحفظ علينا ديننا وأمننا ووطننا وولاة أمورنا .. والحمد لله أولاً وآخراً
 
 
                                 وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
                               لشؤون المعاهد العلمية
                                  أ.د. أحمد بن يوسف الدريويش
الأحد 15/12/1431 هـ 21/11/2010 م
التقييم: