وتحتفل المملكة هذا العام 1443بيومها الوطني المجيد الحادي والتسعين وقد ازدان على الأفق بنيانها ، وارتفع في العالم شأنها ، وانطلقت تحث الخطى متجهة نحو التقدم والازدهار بلا تردد ولا قلق تحيات ومباركات نزفها للوطن وقادته وشعبه في أيام الوطن الخالدة .
تحتفي مملكتنا الغالية في الثالث والعشرين من سبتمبر بمرور واحد وتسعين عاما على توحيد هذه البلاد المباركة على يد المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز 0ففي هذا اليوم الأغر توحد شمل هذه البلاد شرقا وغربا شمالا وجنوبا وأصبحت هذه البلاد المباركة منارة خير وبر لجميع بلدان وشعوب الأرض 0
إن الملك المؤسس رحمه الله ومن معه من الرجال الأفذاذ قاموا بأعمال بطولية ، تمثلت بادئ ذي بدء بتوحيد أجزاء هذه المملكة العزيزة ، وأصبح تماسك مناطقها ، وتقارب مواقعها ، وتوحد صفها مثار إعجاب العالم بل يعد هذا التجمع وهذا الالتفاف من أروع ما سطرها التأريخ الحديث على مستوى العالم ، ثم قام الملك المؤسس رحمه الله بزرع القيم الخلقية في إنسان هذه الأرض من خلال إيمانه المطلق رحمه الله بالتشريع الإسلامي للحكم والقضاء 0
والسمة الغالبة ، والسجية الظاهرة ، والخلق الأبرز لدى مؤسس هذا الكيان هو مخافة الله ومراقبته في كل أعماله رحمه الله المختلفة ، وعلاقاته المتنوعة ، وأنشطته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، وقد سار أبناؤه الملوك على هذا المنهج القويم المتوازن ، وكان يسعى لأن تكون دولته أنموذجا خلقيا واعيا ، يساعد الآخرين ، ويشكل معهم يدا واحدة ، وجسدا واحدا متلائما ، بل صفا واحدا ضد كل ما يضر بأمن الوطن وأهله ، أو يقوض – لا سمح الله- تماسك أفراده ، أو يزعزع الأمن والطمأنينة والراحة التي يجدها أفراده في ظل قيادته الرشيدة ؛ التي جعلت حبها لشعبها هو ميدان تعاملها معه 0
لقد استطاع الملك المؤسس رحمه الله رغم الإمكانات المادية المحدودة آنذاك أن يغرس في أبناء شعبه أهمية الحفاظ على مصلحة الوطن ، فمصلحة الوطن أمر استثنائي لا يمس من قريب ولا من بعيد ، ويعتبر الأمن من أهم مصالح الوطن فكيف تقوم مصلحة الوطن بلا أمن وارف يشع نورا وخيرا وبرا على هذه الأرض المباركة ؟!
وقد حافظ أبناؤه الملوك من بعده إلى يومنا هذا على مصلحة الوطن المتمثل بأمنه واستقراره ، وتطوره وازدهاره ، وعلو كعبه في مختلف المجالات فها هو الملك سلمان حفظه الله يسير على منهج الملك المؤسس في سياساته الداخلية والخارجية ، مع الأخذ بكل أسباب التطور والنماء ، والاستفادة من التجارب الناجحة في كل دول العالم ، فلا انغلاق على الذات ، ولا ركون بلا تطور ، ولا وقوف ومواكب الحضارة تنطلق في دول العالم ، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها كائنا ما كان مصدرها 0
إن التطور الذي تشهده بلادنا المباركة في عهد حادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين كان مصدر إلهامه ، ونور إشعاعه ، وجذوته التي لن تنطفئ بإذن الله هو ذلك المنهج الذي وضعه الملك عبدالعزيز لهذه الدولة المباركة فلا إفراط ولا تفريط ، فالوسطية والاعتدال هما منطلق ذلك المنهج القويم ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ومن خلال هذا المنهج سارت بلادنا نحو التقدم والازدهار بكل مقوماتها المعنوية والمادية فزاحمت الدول حتى سبقتها فها هي وبكل فخر واعتزاز إحدى دول العشرين على مستوى العالم .
ومن هنا بنى الراحل العظيم منهاج علاقته مع أبناء شعبه الوفي : فالتلقائية والبساطة والحب الصادق و الشفافية والتقدير والاحترام المتبادل هي أساس التعامل المشترك بين الملك وأبناء شعبه العزيز ، فلا حجب بينه وبينهم ، ولا بروتوكولات معقدة تفصل بين الملك ورجاله الأوفياء .
إن هذه العلاقة الحميمة المبنية على الحب والتقدير والطاعة لولي الأمر تعد التزاما صالحا ، وأساسا قويما للمواطنة الصالحة ، التي من شأنها احترام الوطن وأمنه ، والدفاع عنه بالنفس والنفيس ، والإسهام الفاعل في تنمية اقتصاده ، والحفاظ على ممتلكاته ، وتقدير إمكاناته ، والاعتزاز به وطنا شامخا لا مثيل له ولا شبيه ،والإخلاص والبذل والعطاء في كل موقع وفي كل اتجاه .
وقد حرص الملك سلمان وسمو ولي عهد الأمين على تطبيق المنهج السوي الذي اختطه الملك المؤسس العظيم فوضعوا الخطط الاستراتيجية البناءة ، ركزوا فيها على زيادة رفاهية المواطن وإسعاده ، وتهيئة الفرص المعيشية الرغيدة له ، فالمواطن بتطلعاته وآماله محل اهتمام القيادة الرشيدة ، وما التوجيهات الصارمة للمسؤولين بأن يقدموا كل ما في وسعهم خدمة للوطن والمواطن إلا خير دليل على ذلك .
تحية حب وتقدير لهذا الوطن الشامخ ، تحية إجلال وتقدير لمليكنا المفدى ، وسمو ولي عهده الأمين ، وتحية احترام ووفاء للشعب السعودي النبيل ؛ الذي أبى إلا يضع يده بيد قيادته الرشيدة في بناء وطن العزة والشموخ . ويعود يومنا الوطني المجيد والوطن مبتهج بعزته ومنعته وعلو مكانته العربية والدولية ، فهذا الوطن الكبير أصبح رقما صعبا في المنظومة الدولية تحسب له الدول والمنظمات الدولية والإقليمية حساباتها الخاصة ،في الأمم المتحدة وغيرها ،وقد كان الأمر كذلك بسبب السياسة السعودية المتوازنة مع دول العالم أجمع : الشقيقة والصديقة ، مع دعمها غير المحدود لقضايا العروبة والإسلام ، فلا يستطيع أحد أن يزايد علينا في دعمنا لقضية فلسطين ، بل تعد مملكتنا هي الأولى بلا منافس في دعم القضية الفلسطينية : ماديا ومعنويا منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله إلى يومنا هذا ، بل ويشمل الدعم كل القضايا العربية ، والأقليات لإسلامية في كل مكان .
وأخيرا تحية للشعب السعودي النبيل وهو يشارك قادته التحايا العطرة ، والمشاعر الفياضة في أيامه الوطنية المجيدة ، وقد التقوا وهم يرفعون يد الضراعة للمولى الكريم أن يديم نعمة الأمن والرخاء على بلادنا الحبيبة ، مقدمين الولاء والطاعة لقيادتهم وفاءوحبا والتزاما .
عشت يا وطن المكرمات آمنا مطمئنا
عشت يا وطني شامخا عزيزا
وكل عام – وأنت يا وطني – بخير .
د.فهد بن محمد بن فهد العمار
وكيل كلية اللغة العربية للشؤون التعليمية