أقامت عمادة البحث العلمي لمنسوبيها محاضرة بعنوان "النزاهة واجب شرعي ووطني" بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة الفساد والذي يوافق يوم الثلاثاء 17 صفر، وقد قدم المحاضرة وكيل العمادة للشؤون الثقافية والمشرف على برنامج النشر العالمي الدكتور رعد بن عبدالله التركي والذي بين أهمية موضوع المحاضرة نظرًا للآثار المترتبة على الإخلال بالنزاهة والتي من أهمها:
- تراجع العدالة الاجتماعية وانعدام ظاهرة التكافؤ الاجتماعي والاقتصادي وتدني المستوى المعيشي، وانتشار حالات الفقر.
- ضياع أموال الدولة التي يمكن استغلالها في إقامة المشاريع التي تخدم المواطنين.
- كما يؤدي الفساد إلى عدم المهنية وفقدان قيمة العمل، وعدم الالتزام بمعايير أداء الواجب الوظيفي.
كذلك تحدث عن المعايير التي اعتمدتها العمادة من أجل تحقيق قيم النزاهة ومن أهمها: - وضع خطة سنوية تتضمن برامج عمل العمادة، يراعى فيها التوزيع العادل للعمل بين موظفي العمادة، مما يمكنها من متابعة أداء الموظفين ويساعدها على أداء الأعمال المنوطة بها وفق برنامج زمني محدد.
- اعتماد مبدأ الشفافية في العمل القائم على الوضوح التام في الواجبات والمعاملات وكل سبل أداء المسؤوليات.
- وضع التنظيمات واللوائح المنظمة لعمل العمادة رغبة في تحقيق العدالة والمساواة لجميع المستفيدين من الأنشطة والبرامج التي تقدمها العمادة.
- تكريم الموظفين المتميزين تقديرًا لجهودهم في العمل، مما يعزز الولاء الوظيفي ويشجع على بذل المزيد من الجهد والعطاء.
بعد ذلك تم فتح النقاش للحضور والذين تركزت مداخلاتهم حول بعض المقترحات التي يمكن اعتمادها لتعزيز قيم النزاهة والشفافية في العمل. وبهذه المناسبة تحدث عميد البحث العلمي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز المقبل عن دور الإسلام في تعزيز قيم النزاهة ومحاربة الفساد بشتى أنواعه، مشيرًا إلى أن الإسلام قد أمر بالتعاون على البر والتقوى وإنكار المنكر، وأداء الأمانة، واستدل بقول المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم:" كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".
كما أشار إلى أن المملكة بلد مسلم يستلهم سلوكه من القرآن الكريم والسنة النبوية، ولهذا كانت الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد منطلقة من هذه المصدرين العظيمين، بوصفهما أسمى المصادر وأعظمها، وأكثرها شمولية وتكاملاً، فالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة، ولهذا فهو يعتبر كل عمل من شأنه الانحراف بالوظيفة عن مسارها الشرعي والنظامي الذي وجدت لخدمته فساداً وجريمة تستوجب العقاب في الدنيا والآخرة.
كما أشار إلى أن ضعف النزاهة دليل على ضعف الوازع الديني، ولهذا فإن الإسلام يعمل على تنمية وتقوية الوازع الدينى لدى كل أفراد المجتمع حتى يكون الوازع الدينى هو الذى يمنع المرء من ممارسة الفساد وارتكاب جرائمه, فقد رُوِيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب", كما جاء الأمر الإلهى بالإصلاح ودفع الفساد، بل والأخذ على يد المفسد حتى يتوقف عن فساده, فقال تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾, وقال عز وجل : ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾, وقال عز وجل: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾.
كما أشار إلى أن المحافظة على مقدرات الوطن ومحاربة الفساد هي مسوؤلية الجميع، ولا تختص به جهة أو فرد، بل هو واجب المجتمع بمكوناته كافة .وهو ماترتكز عليه الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، حيث تؤكد الاستراتيجية على أن حماية النزاهة ومكافحة الفساد تتحقق بشكل أفضل بتعزيز التعاون بين الأجهزة المختصة في المملكة, بشكل مستمر، وبقيام المواطن بدوره في إنكار الفساد ونبذه، والإبلاغ عنه، وحماية الممتلكات والمرافق والأموال العامة.
وبين الدكتور عبدالرحمن المقبل أسباب الفساد مشيرًا إلى أن هناك أسبابًا رئيسة من أهمها:
- ضعف الإيمان والوازع الدينى, فالنفس الخاوية من الإيمان التى لا تخشى الله، لاتبالى بارتكاب المحرمات, بل يزين لها الشيطان سوء عملها, ويسمى الأسماء بغير مسمياتها, فتراه بعد فترة لا يخشى من ارتكاب الفساد ولا يستتر من الناس, فيصير الفساد عادة والصلاح منكرا.
- اتباع الهوى وانتشار الأخلاق الفاسدة، مثل الكذب، والنفاق، والرياء، وسوء الظن، وعدم الوفاء بالعهود، والعقود، وخيانة الأمانة والرشوة والمحسوبية والاحتيال, واتباع الهوى.
- انتشار المادية بين الناس، وتفكُّك عرى التكافل والتضامن الاجتماعي.
- فقدان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهو يعتبر صمام أمان للمجتمع من الفساد فإذا غاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فشا الفساد وانتشر.