نوقشت في يوم الخميس الموافق30/ 8/ 1441هـ (عن بُعد) بوساطة تقنية (Blackboard ) رسالة الدكتوراه التي تقدم بها الطالب/ زيد بن عبدالله الرباح، للحصول على درجة الدكتوراه في اللغويات التطبيقية بعنوان:(معايير النصية في شعر محمد هاشم رشيد).
عنيت الدراسة بتطبيق معطيات الدرس اللساني في تحليل نص شعري حديث، من خلال الكشف عن عناصر الترابط النصي في قصائد أحد الشعراء المعاصرين هو الشاعر السعودي محمد هاشم رشيد، حيث جرى الكشف عن مدى توافر معايير النصية السبعة التي اقترحها روبرت دي بوجراند في كتابه الموسوم بـــــ (الخطاب والنص والإجراء)، وقد رامت دراسة التعامل مع المعايير السبعة ( مجتمعة )؛ ليكون أكثر عمقاً وجدوى لتحقيق رؤية أوضح عند تحليل النصوص مما لو درست بعضها. وبعد أن استكملت الدراسة فصولها ومباحثها، خرجت بالنتائج التالية:
- توافرت معايير النصية السبعة التي اقترحها (دي بوجراند) في القصائد السبع المختارة من شعر محمد هاشم رشيد، وعلى الرغم من جريانها فيها بنسب متفاوتة إلا ذلك لا يلغي تمتع تلك القصائد (النصوص) بمستوى عالٍ من الترابط النصي.
- اعتمد الشاعر محمد هاشم رشيد في بناء السبك النحوي خلال القصائد السبع المختارة من شعره على العناصر التالية: الإحالة الداخلية، والوصل، والإحالة الخارجية، والحذف. وبالمقارنة بين تلك العناصر كانت الإحالة الداخلية هي المفضلة لدى الشاعر بنسبة ورود تجاوزت (38,6 % ).
- اعتمد الشاعر في بناء السبك المعجمي في قصائده التي جرى اختيارها في الدراسة الحالية على وسيلتي التكرار والتضام، وكان السبك بواسطة التكرار هو المفضل لديه على مستوى جميع النصوص؛ بنسبة ورود تجاوزت ( 70 % ) في حين أن السبك بواسطة التضام كانت نسبة وروده (29,1 %) .
- اعتمد الشاعر محمد هاشم رشيد في تحقيق الالتحام الدلالي للقصائد السبعة المختارة من شعره على العلاقات التالية: الشرط والجواب، وإعادة الصياغة، والسبب والنتيجة، والمقارنة، والتقابلية، والإجمال والتفصيل، والسؤال والإجابة، والإبدالية. وكان استخدام الشاعر علاقة (السبب والنتيجة) أكثر من غيرها من علاقات الالتحام الدلالي الأخرى على مستوى جميع النصوص المدروسة حيث وردت في (20) موضعًا، في حين كانت علاقة الإبدالية هي الأقل استخداماً فلم ترد سوى في موضع واحد.
- من خلال تتبع المقاصد التي انطوت عليها النصوص المختارة من شعر محمد هاشم رشيد، تبين للباحث أن القصدية لدى الشاعر متنوعة بتنوع القضايا التي اتخذها كتجارب شعرية وشعورية تظهر ميادينه واهتماماته، كالقضايا الوجدانية، والوطنية، والاجتماعية، والدينية وغيرها. على الرغم من التنوع والاختلاف بين المقاصد في النصوص المدروسة من شعر محمد هاشم رشيد، إلا أن القاسم المشترك الذي تتفق فيه غالبية تلك المقاصد، هو استشعار الفكر الجماعي على الفكر أحادي الجانب، وكان رافداً أساسيًا في تكوين القصدية في تلك النصوص.
- فيما يتعلق بمعيار المقبولية، فقد تأكد لدى الباحث أن أي نص لا يمكن أن يقطع فيه بمستوى أو درجة معينة من القبول أو عدم القبول؛ لأن ذلك مرتبط بمعطيات ومحفزات متنوعة، بعضها مرتبط بالنص، وبعضها مرتبط بالمتلقين ومستوياتهم الثقافية وظروفهم النفسية وغيرها، وبعضها الآخر له ارتباط بمنتجي النصوص وتوجهاتهم ومقاصدهم. ونتيجة لذلك فإن إصدار الحكم بقبول النص أو آخر سيختلف بين متلقٍ وآخر، كل بحسب تكوين نفسيته واهتماماته وميوله، وبالتالي ستختلف ردود أفعالهم ودرجة تفاعلهم وتأثرهم بما يتلقونه بأسماعهم أو أبصارهم من نصوص.
- لا يكفي أن يكون النص مسبوكاً وملتحماً دلالياً ليحكم عليه بالقبول، بل لابد أن يكون المتلقي مدركاً للمقاصد التي أرادها المنتج، لأن غياب تلك المقاصد أو خفائها على المتلقي سيشكل عاملاً سلبياً على تعاطيه وتفاعله مع النص، وفي هذه الحالة قد يصبح النص معرضاً لعدم القبول.
- ومما عزز من تحقق المقبولية في القصائد المختارة من شعر محمد هاشم رشيد، وجود عوامل كان المقصود منها التأثير على المتلقي، وحثه على التفاعل مع النص، ومن أبرزها وجود عناصر السبك النحوي والمعجمي، وعلاقات الالتحام الدلالي ، حيث كان لها دور كبير في تعزيز فرص التلقي ليبقى متفاعلاً مع النصوص، وبالتالي تعزيز المقبولية فيها, كالحذف والتضاد والتلازم الذكري والسبب والنتيجة، والإجمال والتفصيل.
- ظهر أثر السياقات المختلفة - الداخلية والخارجية- في ترسيخ معيار الموقفية من خلال القصائد المختارة من شعر محمد هاشم رشيد، حيث كانت عوامل أساسية في إنتاجها من جهة، ومعينةً على فهمها وإدراك معانيها من جهة أخرى. وقد تمثلت تلك السياقات في:
أ- السياقات اللغوية / الداخلية، ومن أهم مظاهر مراعاة الموقفية فيها، عناوين النصوص وطريقة اختارها وتأليفها. كذلك تفضيل بعض العناصر اللغوية على غيرها؛ لكونها تكسب المعنى دلالات وإيحاءات إضافية ، و التكرار بأنواعه ومستوياته المختلفة
- ب- السياقات غير اللغوية / الخارجية، ومن مظاهرها: لنشأة وما يتصل بها من مراحل تعليمية وعملية، وما لذلك كله من انعكاسات على فكره وتوجهاته الشعرية. إضافةً إلى بعض السمات الشخصية للشاعر والتي بان لها أثر وتأثير في بعض النصوص المدروسة، ومن أهم تلك السمات تمتعه بواقعية شعرية لم تمنعه من طرق أغراض وموضوعات مختلفة، مع محافظته على اتجاهه الرومانسي الذي عرف عنه.
- كان التنوع هو الطابع العام والسمة المميزة لنماذج التناص في القصائد المختارة في هذه الدراسة الحالية، ومن أشكال هذه التنوع، التنوع بحسب المصدر فهناك:
1- التناص الديني، وتبعاً لذلك وجد من التناص ما كان مع القرآن الكريم والحديث النبوي.
2- التناص التاريخي، وذلك من خلال اشتمالها على أحداث وشخصيات تاريخية، حيث كان لتوظيفها إسهام كبير في معالجة الموضوعات وفي تجسيد المعاني التي حوتها تلك القصائد.
3- التناص الأدبي وكان حضوره من خلال النصوص المدروسة وفق أشكال ومستويات مختلفة، فمن التناص ما كان في فكرة القصيدة وموضوعها، ومنه ما كان في العنوان، و منه ما كان على مستوى الكلمة، والعبارة، والجملة. كما شمل التناص قصائد هي من إنتاج الشاعر نفسه، وكذلك قصائد قالها شعراء آخرين قدماء ومحدثين.
- وفيما تختص بجانب المعلومات (الإعلامية) التي حملتها القصائد المختارة من شعر محمد هاشم رشيد، فقد تم إجراء هذا المعيار من خلا جانبين :
أولاً: تبين من واقع الأفعال الكلامية – بحسب تصنيف جون سيرل- أن الإعلامية (المعلوماتية) التي تحققت عبر الأفعال من نوع (الإخباريات) كانت الأكثر وروداً خلال النصوص المدروسة من شعر محمد هاشم رشيد، بنسبة بلغت (70,8 % )، يأتي بعدها – بفارق كبير نسبياً - الأفعال من نوع (التعبيريات) بنسبة (19,1 %) ، ثم الأفعال من نوع (التوجيهيات) بنسبة ( 6,2 % )، فالأفعال من نوع (الالتزاميات) بنسبة بلغت (2,9 %)، وأخيراً (الإعلانيات) بما نسبته (0,7 %) فقط.
ثانياً: وسائل رفع الإعلامية في شعر محمد هاشم رشيد. وكان من أهم هذه الوسائل التي وقف عليها الباحث: طريقة الشاعر في اختيار عنوان النص، ثم الانزياحات اللغوية كالحذف والتشبيه والاستعارة، ثم السرد الذي من شأنه أن يبقي المتلقي متماشياً مع النص بصفة جزئية أو كلية، ثم التناص.
وبعد مناقشة علنية استمرت قرابة الثلاث ساعات خلت اللجنة وتداولت الحكم على الرسالة وأوصت بقبول الرسالة ومنح الطالب درجة الدكتوراه في اللغويات التطبيقية بتقدير ممتاز .
- ملخص الرسالة: